عرض المادة

الحلقة الثالثة والعشرون | كيف يحكم الناس على بعضهم؟




كيف يحكم الناس على بعضهم ؟

الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّه)

يحكم الناس على بعضهم على منصبه ، على أي مرتبة ، ما هي سيارته ، كم عنده في البنك ؟ سبحان الله! , القرآن علمنا أنها لا تُقاس الأمور بهذه الطريقة ، يقول النبي عليه الصلاة والسلام (لو كانت الدنيا) كل الدنيا بقصورها بمناظرها ببساتينها بمزارعها (تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء) والله يموت أن الكفار كلهم جوعًا وعطشًا لا يجدون شربة ماء ، لكنها لا تساوي شيء! يعني لو أنا الآن يسقط منّي منديل ! لا أأبه فيه ، يأخذه عدوي لا أقول أعطني منديلي أقول أصلاً لا يساوي عندي شيء ولله المثل الأعلى .

في البخاري كان النبي عليه الصلاة والسلام جالسًا مع أصحابه ، فـمرّ رجل فقال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: ما تقولون في هذا ؟ فقالوا : يا رسول الله هذا فلان ابن فلان ! حريٌّ إن تكلم أن يُسمع , وإن شفع أن يُشفّع وإن نكح أن يُزوّج , سكت النبي عليه الصلاة والسلام ، مرّ رجل خارج من بيته ، فـالتفت النبي عليه الصلاة والسلام إلى الصحابة فقال : وهذا ؟ فقالوا : يا رسول الله! هذا فلان بن فلان صعلوك من الصعاليك ، حريٌّ إن تكلم أن لا يُسمع , وإن شفع لا يُشفّع , وإن نكح أن لا يُزوّج , سبحان الله ! , النبي عليه الصلاة والسلام جاءه وحي من السماء بتفصيل الأمور ، بالقول الفصل ، بالحق فـأقسم النبي عليه الصلاة والسلام بنفسه فقال (والذي نفس محمد بيده لهذا) الذي أنتم تستحقرونه (والذي نفس محمد بيده لهذا يساوي عند الله ملء الأرض من ذاك ) , يقول ؛ إإتي بالكرة الأرضية كلها أوروبا و أمريكا وأفريقيا وآسيا  واجمعها كلها ، عبئه من الناس مثل هذا ، واجعلهم كلهم يقولون يا رب , و إإتي بموازينهم كلهم في ميزان والله لا يساوون عند الله واحد من ذاك , سبحان الله ! هكذا تُقاس الأمور بهذا الميزان في القرآن قال الله (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) مشكلتنا أين ؟ دائمًا مشكلة من عنده مصيبة في دينه إنه يحكم بعين عوراء , لِأجل هذا يقول الله سبحانه وتعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ) فعل في يوم من الأيام صدقة ، لا يجعل الله أجرها في الأخرة لا ، تصفيه توفِية حسابات هنا ، يعطيه زيادة في صحته ، كان المفروض يُتعبه رأسه يُشفيه الله سبحانه وتعالى ، سيعطيه كلها في جناح البعوضة , (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا) في الدنيا (وَهُمْ فِيهَا) في الدنيا (لَا يُبْخَسُونَ) لأجل هذا الكفار تجد عندهم أجواء جميلة ، لأنهم يعملون أعمال صالحة ، وأمورهم طيبة والنظام عندهم رائع (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ) هل انتهى المشهد؟ لا (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبحان الله ! إذًا ؛ إذا وفّاك الله حسابك كله في الدنيا و كل شيء أعطاك اياه بالدنيا فليس من صالحك , لأجل هذا ممكن الطائع يُؤخذ منه هنا ، إذا أحب الله عبد ابتلاه , يُبتلى المرء على قدر دينه ، لماذا ؟ ماذا يريد الله منك؟ (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) لكن هي فلسفة الحياة يجب نفهمها من خلال القرآن.

نعم يبتليك لأنه يحبك سيأخذ منك كل ما فعلته من الذنوب في هذه الدنيا لأجل ما تأتي يوم القيامة ويأخذ منك غمسة في النار ، تأتي مصفّاه حساباتك فـتكون مع الخالدين في ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله , فـمشكلة من حساباتهم خطأ قال الله عز وجل (إِنَّ هَٰؤُلَاءِ) ما بهم يا رب ؟ (يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ) يريدون كل شيء هنا (وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) يومًا ثقيلاً ! يا أخي ألم ساعة بدون مسكن! تقول الساعة هذه ثقيلة علي كأنها سنة لا تنساها في حياتك , إذًا كيف إذا قال الله واصف ذلك اليوم أنه ثقيل ، لماذا صار ثقيل؟  لأن كل أمر فعله من السوء محسوب هناك ، وكل أمر خير له أعطاه هنا , فـإذًا حبيبي الغالي ؛ هذا القرآن كالبلسم الشافي لتلك الجراح , إذا رأيت غيرك يعصي الله وهو يضحك لا تحسده ، لا تغبطه ، قال الله عز وجل (نُمَتِّعُهُمْ) من أحسن حساب أنت أم الله ؟ الله قال (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا) لأن بعض الناس يقول فلان طول حياته ، حسنًا -طول حياته- قليلاً أم كثيرًا؟ قال الله سبحانه وتعالى (فَلْيَضْحَكُوا) ولاحظ ما قال فليسعدوا ، ليس هناك سعادة إلا بطاعة الله , سعادة من الداخل والله لا تجدها إلا عند الله (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ) يحلف الله سبحانه ، الله لا يحتاج أن يقسم لأجل أن نصدقه (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السعادة الحياة الطيبة لا تأتي في معاصي ، لأجل هذا سمّاها الله ضحك ، ضحك من فوق لكن من القلب لا , قال الله (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا) الحسابات هذه قليلاً إذًا والله إنها قليلاً ، تريد أنت الكثير ، تريد السعادة الحقيقية؟ هي عند رب العالمين , قال الله عز و جل (كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ) الذين عصوا (وَهَٰؤُلَاءِ) الذين أطاعوا (مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) ماذا قال بعدها ؟ (انظُرْ) وأنت في الشارع انظر للقصور على يمينك و البيوت الصغيرة على يسارك (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ) لأن الذي هنا في الدنيا كله قليل , كله متاع (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) .

الإمام مالك رحمه الله كان ممن يلبس وهندامه جميل (والله جميل يحب الجمال) فكان يلبس أحسن الملابس ، قيل عنده ثلاث مئة قُلنسوه ، رجل يلبس ولا يتعارض هذا مع الدين ، المال والدنيا في يديه ليست في قلبه , فـجاء عنده يهودي زيّات ، غير منظّم وثيابه كلها زيت ، فقال يا إمام أنتم تقولون أيها المسلمون أن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن ! وهذا أنت يا إمام مالك مؤمن و تعيش في نعيم ! تلبس مثل الناس وتأكل مثل الناس ، أين السجن ! فقال له الإمام مالك كلمات تكتب بماء الذهب قال نعم , أنت على كفرك إن مت على هذا الكفر فـدخلت النار تعتبر في جنة الآن ، وأنا إن كنت مؤمن ومت على ذلك فـدخلت الجنة أعتبر في سجن الآن , لأن المتاع الذي هناك يختلف عن الذي هنا ، لـموضع سوط أحدكم خير من الدنيا وما فيها , فـأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا نستنير بنور القرءان ، ونهتدي بهدي النبي العدنان عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

            

  • الاربعاء PM 08:17
    2017-06-07
  • 2699
Powered by: GateGold