عرض المادة

الحلقة الحادية والعشرون | كيف نتعامل مع الله؟

 


كيف تتعامل مع الله ؟

أحبتي الفضلاء مازلنا مع نور هذا الكتاب العظيم , يقف أحدنا يسأل نفسه ويقول كيف أنجح مع الله سبحانه وتعالى ؟ كيف أتعامل مع الله ؟ الآن تقام دورات كيف تكسب رئيسك ؟ وكيف تكسب مرؤوسك , و فن التعامل مع الزوج و فن التعامل مع الزوجة ؟ و والله في هذا الكتاب غنى عن كل هذه الدورات وغنى عن كل هذه الصفقات وهذه الاجتماعات وهذه الدراسات كلها, كيف تتعامل مع الله ؟ أكثرنا فشل في حياته لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع الله عز و جل , يعامل الله سبحانه وتعالى وكأنه يساومه , يقول لك سأترك هذا الأمر وتعطيني إذا لم تعطيني سأرجع , ما هذا الكلام ؟!! ,  كم منا من الناس من تقول له حبيبي الغالي أنت تعمل في مكان ربوي يعني أكلك كله سحت أكلك كله ربا أكلك كله نار , فيقول لك والله ما وجدت وظيفة , أعطني وظيفة أخرى وأتركها لله , لا يا حبيبي لا يا غالي إذا أعطيتك وظيفة أخرى لم تكن تركتها لله , أنت تركتها للوظيفة الأخرى , فعندنا مشكلة يا جماعة في علاقتنا مع الله , كيف نثق بالله سبحانه وتعالى , لو كانت القضية كل واحد يترك ويعطيه الله سبحانه وتعالى من الغد نبدأ , الله لا يحتاج يختبرك , كل الناس كلهم سيتوبون , لكن الله جعل هذه الامتحانات وهذه المضائق حتى يميز الله الخبيث من الطيب , وما كان الله ليطلعكم على الغيب , لو أقول لشخص الآن خذ هذا المصحف الذي بيدي وأعطه فلان الذي هناك عند تلك الزاوية , وإذا أعطيته هذا المصحف سيصرخ في وجهك ويقولك توكل على الله هيا , ثم خذ المصحف وأعطيه الرجل الواقف في تلك الزاوية الأخرى هناك وإذا أعطيته هذا المصحف سيقول لك لا أريد ان أراك هنا مرة أخرى , ثم خذ المصحف وأعطيه فلان الثالث هناك و سيعطيك شيك بخمسه مليار تخيل والرجل هذا أخذ المصحف وأنتقل للأول , هو توقع الأول يعطيه خمسة مليار أم يصرخ في وجهه ! تجده يتلذذ بالصراخ عليه , لأنه يعلم أنه مازال في الطريق الصحيح ثم يذهب للثاني وهو يعطيه المصحف يتلذذ وينتظر متى يطرده لأنه الأن يعلم أنه يسير في الطريق الصحيح , هل نحن نتعامل مع الله القرآن بنفس الطريقة ولله المثل الأعلى ؟ القرآن يعلمك أن الجنة حفت بالمكاره وأن إذا تركت شيء لله سيمتحنك ليرى أنت صادق أم كاذب , أنت واثق في الله عز و جل أم (وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) يقول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ) كأنه في حافة الجبل يصلي (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) هذه الآية نزلت في أقوام أسلموا مع النبي عليه الصلاة والسلام فإذا حملت ناقة أحدهم وحملت زوجته قال الحمد لله , والله منذ أن دخلنا الإسلام ولم نرى إلا خيرًا والأمور كلها طيبة , ثم يبتلى و تموت عنده ناقة فيترك الدين (انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) تريد أن تراها واقع عملي في القرآن ؟  قصص القرآن كما أتفقنا ليست للتسلية وليست لنقضي فيها أوقاتنا ونستمتع فقط (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) موسى عليه السلام يمشي ومعه عصا فيسأله الله عز و جل (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ) ما قال عصا , لأن الذي لا تحبه غالبًا لا تنسبه لك , يعني مثلًا لو أسألك عن كرتون مناديل في سيارتك أقول لك ما هذا ستقول هذا مناديل , لكن لما أسألك عن هاتف ستقول هاتفي , أو ساعة غالية عندك تقول ساعتي فلا شعوريًا تنسبها لنفسك فقال موسى (هِيَ عَصَايَ) ثم أخذ موسى يستطرد , موسى عليه السلام ليست القضية أنه متلذذ مع كلام الله فقط , لا .. أيضًا يريد أن يقول لله عز و جل وهو الأعلم أن هذه العصا غالية عندي يا رب (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا) يعني في كل خطوة لا أستغنى عنها (وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي) بدل أن أطارد الغنم يمين ويسار فقد اختصرت علي العصا هذه أمور كثيرة , أشير بالعصا فيجتمع الغنم قال (وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) يعني يا ربي لو أكتب فيها مجلدات عن حاجتي في العصا  يقول ابن عباس رضي الله عنهما أي كم بلغت بها مالم أبلغ في الشجرة يعني يريد ثمرة يضربها فوق , وكم دافعت بها عدو , وكم دافعت بها من سبع , وكم جعلتها حتى أستظل بها وأجعل عليها قماش قال (وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) تخيل تقول لشخص ما هذا الذي معك يقول لك هاتفي و لا أستطيع الاستغناء عنه , استعمله في الدوام و استعمله في بحث القرآن و استعمله في أشياء كثيرة , ثم تقول له قم برميه , سيقول لك الآن أقول لك كل هذه الفوائد وتقول لي تخلى عنه !! الله سبحانه ولله المثل الأعلى الحكيم يريد أن يختبر قلب موسى هل تترك شيء لي حتى وأنت تحبه حتى وأنت مستفيد منه (قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى) أُناس ناجحين عرف كيف يستفيد , مستحيل تطيع الله ويجعلك تخسر مستحيل , مستحيل تعصي الله وتنجح , تُمتع قليلًا نعم كما تمتع فرعون , مشكلتنا دائمًا لما نرى الأمور في الدنيا فقط , لا يا أخي أنت ستعيش هنا وهناك فلا تنظر لجناح البعوضة فقط , أنظر لكل حياتك , موسى عليه السلام مباشرة لما قال الله (أَلْقِهَا) قال الله (فـ)  مباشرة , فألقاها ما دام ترضيك , هناك أُناس قدموا أرواحهم لله , قد يقول أحدهم ما دام ترك شيء لله المفروض الله سبحانه وتعالى يقلبها ذهب جزاء لموسى لأنه فعل شيء رائع و أطاع الله , ليس هكذا يعاملنا الله عز وجل , الله لا يختبرك اختبار واحد , اختبارين على الأقل وراء بعض وسأذكر لك هذا في القرآن جَلي , لما ألقى العصا الضعفاء أمثالنا ضعفاء الإيمان إلا من رحم الله يقول خلاص ما دام ترك العمل الربوي لله المفروض يفتح عليه مباشرة , لا .. ماذا حدث في العصا ؟ الله يعلمنا و يصف لك الناجحين كيف فعلوا لأجل تقتدي بهم , لما ألقى العصا ماذا أصبحت ؟ ذهب ؟ قال (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ) صارت حية تذهب وتجيء قال الله (تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ) تهتز في وجه موسى كأنها جان (وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) سبحان الله يعني هذا جزاء موسى ؟ هكذا يختبرك الله تترك عمل لله يأتيك بالذي أعظم منه اختبار لكن سيعطيك عطية تنسيك كل الأمور هذه كلها , لما جاء موسى عليه السلام والحية تهتز أمامه يعني مثل الذي ترك البنك الربوي ثم جاءه الفقر وطالبوه بإيجار المنزل وقالوا له السيارة متعطلة (تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَان وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ٌّ) عجيب هذا القرآن (خُذْهَا) سبحان الله يعني يا رب جل جلاك يوم أن كانت عصا يستفيد منها تقول له ألقها يوم أن صارت حية لا يريدها تقول له خذها ما الذي يريد أن يوصله الله لي ولك لو تدبرنا هذا القرآن ؟ موسى ماذا قال ؟ لا لا يا رب والله لا أمسكها ؟ لا .. مباشرة موسى عليه السلام يعلم أنه لن يطيع الله فيخسر فمباشرة مد يده عند رأس الحية , عندما مد يده عند رأس الحية ماذا حدث قال الله (سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ) رجعت العصا كما كانت , لكن ما الذي حدث بعدها ؟ موسى نجح , هل تستطيع أن تنجح لآخر المطاف , يختبرك ثم يختبرك ثم يختبرك وأنت تزيد يقين بالله عز و جل , هذه العصا هز الله بها عرش فرعون , هذه العصا فلق الله بها البحر لموسى مع ثلاثمائة ألف من بني إسرائيل (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا) أرأيت كيف صارت العصا , رجعت له العصا وتوكأ عليها ومآرب أخرى وفوق هذا كله تلقف ما صنعوا صارت نصرة له أمام السحرة ونصرة لله أمام فرعون وأمام البحر , هل تستطيع أن تنجح للنهاية , هل تستطيع أن الله يختبرك وترضى وتصبر وتطيع الله عز و جل للنهاية ؟ أقسم بالله أنك لن تطيع الله وتخسر وأفتح المصحف و انظر , كل الذين عصوا الله أتحداك تنتهي السورة ثم يصف الله حالهم وتتمناه , كل الذين ابتلاهم الله وعذبوا انظر آخر السورة أين هم ؟ هل تتمنى حالهم ؟ اسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن اقتدى و اهتدى بهدي نبيه عليه الصلاة والسلام و اتخذ هذا القرآن قائدًا وسبيلًا وجاهد به جهادًا كبيرًا .

 

 

 

  • الاربعاء PM 08:15
    2017-06-07
  • 2075
Powered by: GateGold