الرحمة

‏جلست أفكر في رحمة الله سبحانه وتعالى ‏لأني كلما ‏نصحت نفسي ونصحت غيري ‏أو أحد نصحني يأتي الشيطان ويقول ‏الله غفور رحيم انتهت القضية , ‏قلت لابد أن الله سبحانه وتعالى ‏قد فصّلها في القرآن ‏و‏ كما ذكرنا و سنكُرر ونُعيد إلى أن نموت ‏ونسأل الله الثبات على ذلك أن هذا القرآن ‏فيه تفصيل لكل شيء ‏وقلت في نفسي رحمة الله تعالى ‏لمن ؟ العاصي مثلي يقول الله غفور الرحيم ‏, والطائع يرجو رحمة الله ‏, والكافر يرجو رحمة الله , إذًا رحمة الله لمن ؟ ‏فبدأت اتتبع آيات الله سبحانه وتعالى التي ذكرت فيها الرحمة ‏هل هي لكل أحد ؟! قال الله عز وجل (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيب) قريب مِن مَن ؟  كل الناس يقول يا أخي الله غفور رحيم , ‏تجده يغتاب فتنصحه يقول الله غفور رحيم , ‏يسرق ويقول أن الله غفور رحيم , يزني ويقول أن الله غفور رحيم , كل شيءعنده أن الله غفور رحيم ‏قال عز وجل (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين) ‏سبحان الله سألت نفسي سؤال صريح هل أنت من المحسنين ‏؟ من هم المحسنين ؟ المحسن هو الذي يعبد الله كأنه يراه , تخيل ‏أنت من الذينتحب من قومك ‏وتحترم مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام {‏خاف الله كما تخاف رجل وقور في قومك} ‏ما تعصي الله أمامه , هل أنت من المحسنين ؟ مشكلتنا لما نقرأ قرآن وننتهي من السورة دون أن نتدبر و نراجع أنفسنا , اسأل نفسك هل أنا من المحسنين؟ ‏أسال نفسك هل أنا أعبد الله كأني أراه فإن لم أكن أراه فإنه يراني ؟ ‏أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المحسنين , إذا كنت من المحسنين حبيبي الغالي فهنيئًا لك وأبشر رحمة الله قريب من المحسنين , وقل أن الله غفور رحيم وأنت على خير , ‏كل ما ابتعدت عن الإحسان كلما ابتعدت عنك رحمة الله , في سورة الاعراف (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) هل دائمًا نكمل الآية التي بعدها أم نقف هنا ؟ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا) ما قال اكتب نصفها أو رُبعها , لا (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ) من هم؟(يَتَّقُونَ) يا رب اجعلنا من المتقين , سألت نفسي ‏و أجبتها و أنت اسأل نفسك هل أنت من المتقين ؟ ‏تعرف معنى المتقين ؟ المتقي لما سأل عمر رضي الله عنه أبو عبيدة ‏يا أبا عبيدة من هم المتقون ؟ قال يا أمير المؤمنين ‏هل سلكت قط طريق فيه شوك ؟ , يعني هل مشيت يوم طريق فيه شوك و أنت حافي , قال نعم , ‏قال ماذا صنعت هل وطئت الشوك ؟ كلا بل اتقيت فلا أضع قدمي ‏على مكان حتى أعلم أنه ليس به شوك , ‏فقال وكذلك التقوى أنك لا تضع  قدمك في مكان ‏إلا و أنت تعرف أنه هذا يرضي الله أو لا يرضي الله , لا تلقي نظرة ‏في مكان إلا وأنت تعلم أن هذا يرضي الله أولا, ‏ما تخرج كلمة إلا وأنت تعلم أنها ترضي الله أو لا , هؤلاء هم المتقون اللهم اجعلنا من المتقين (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ) ‏هذا الصفات اكتب عند كل واحدة صح ‏أو خطأ لأجل تعرف هل هي موجودة فيك أو لا , لأجل تعرف رحمة الله قريبة منك أو لا.(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ) لمن يا رب ؟ (لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) ‏تاب ‏يعني ليس شرط أنه معصوم عن الخطأ ‏لكن أتحداك يخطئ ثم ينام ويرتاح ‏والله لا يطمئن ولا يرتاح وينام , تجده يتقلب يا رب ‏إن لم تغفر لي وترحمني لأكون من الخاسرين , إذًا هذه الشروط ‏يتوب عليهم الله ويغفر لهم ‏هل نحن منهم ؟ مشكلة أن نكون لسنا منهم و نطمئن !

‏الحسن البصري كان يقول أن المنافق جمع بين أمرين ‏جمع سوء العمل والطمأنينة , و المحسن يجمع بين أمرين ‏يحسن العمل ويخاف من الله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) ‏قالت عائشة رضي الله عنها للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله هذه الآية نزلت في السُرّاق والُزناة ‏قال لا يا بنت الصديق إنها والله نزلت على أقوام يصلون ‏و يصومون ويقومون ‏ويخافون ألّا يُقبل عملهم , ‏لأجل هذا لما ‏نصلي نقول استغفر الله , وفي الحج (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ), ‏فإن هذه الرحمة لمن ؟ يقول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا) هاجروا مع النبي ‏ترك بيته لأجل دينه لأجل رحمة (وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ما قدم بيته فقط قدم روحه في سبيل الله ماذا يريد (أُولَٰئِكَيَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ) سبحان الله بعد كل هذه الأعمال يقول الله هذا الذي يحق له يقول الله غفور رحيم .

(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَاالْأَدْنَىٰ) يعني يفعل من الدين الواضح و السهل مثل صدقة بريال ليس هناك مشكلة كله ريال , يقوم لصلاة العصر ! لكن الفجر لا (وَيَقُولُونَ) إذا نصحته لماذا تفعل السهل فقط يقول (سَيُغْفَرُ لَنَا)‏ يقولون يا أخي إن الله غفور الرحيم انتهت القضية (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) هؤلاء عرفوا أين رحمة الله , فاحرص أن تكون من المحسنين و إذا خلوت بمعصية انظر هل أنت من المحسنين أو لا , تفعلها أو لا تفعلها , لأجل تعرف رحمة الله قريبة منك أو لا , والله لن يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله , قالوا ولا أنت يا رسول الله قال و لا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته , وكم فتاة تنمص من حاجبها و تناست لعن الله النامصة و طُردت من رحمة الله , و المتشبهات بالرجال تناست لعن الله المتشبهات و طُردت من رحمة الله  , أسال الله أن يجعلنا ممن يراجع حساباته ونكون من المحسنين والمتقين والتائبين الصادقين ‏.