عرض المادة

الحلقة الخامسة عشر | هل جربت الفقد ؟

هل جربت الفقد ؟ !

تمر علينا ساعات من الحرمان , وتمر ساعات نفقد فيها أحب الناس إلينا وتمر على آخرين ساعات لا يجد فيها اللقمة تسد جوعه , والآخر يُحرم الحرية التي بها يتحرك فتجده قابع في غرفة أو في زنزانة وحيدًا فريدًا , هذه المشاكل والهموم والغموم هل لها من وصفةٍ ؟ علمنا الله سبحانه وتعالى الذي قال جل في علاه ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) هذا الكتاب الذي اتفقنا أن فيه حل لكل مشكلة على وجه الأرض , قد يمر بها أي مخلوق وليس فقط البشر ولكن المكلف من الإنس والجن فيه تفصيل في هذا الكتاب كما ذكرنا قول الله عز وجل ( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ) (تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) إذا حُرمت , إذا فقدت حبيب , إذا فقدت المال مصدر الرزق , إذا فقدت المسكن المأوى قال الله عز وجل في رسالة عظيمة واضحة لكل مهموم متدبر , أما المهموم الذي لا يتدبر يتيه كما قال اله عز وجل ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ) حياة الإنسان الخالية من القرآن مثل الميت بالضبط (فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) يمشي وعنده أنوار(كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) سبحانك إذن ما هي الوصفة في هذا الكتاب إذا أصابني الهم و تكالبت علي الهموم والكروب والغموم قال الله عز وجل في 5 آيات في سورة البقرة فيها وصفة ومخرج من كل مشكلة على وجه الأرض يقول الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) لاحظ ما قال يا أيها الناس لأن ليس كل الناس يستفيد من هذا القرآن ويعلم أن الكلام في القرآن حق , ويعلم أن ما عليه إلا أن يتبع ويحقق الشرط فيأتيه الوعد , يطبق هذا الكلام يجد الوعود صادقة لا تخطئ لأنها من الله (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) , ماذا نفعل يا رب إذا أصابتنا الهموم والغموم ؟ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا ) بمن ؟ بضعفاء البشر ؟ بالرؤساء والمدراء ؟ لا .. قبل ذلك تستعين بمن أعظم منهم كلهم ما هو ؟ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ) يقول شخص هذه نعرفها , إذا ما ذقت العسل لن نشرح لك ما هو طعم العسل , وإذا لم تبتل عروقك بالماء لن نشرح لك ونتكلم لك عن الماء حتى تذوقه حبيبي الغالي , ( اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ) لأجل هذا النبي كان فاهم بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر و جاءه خبر كدّر خاطره أو مشكلة فزع إلى الصلاة , الله أكبر أنا أعرف من أبث له أحزاني , أعرف أتكلم وأشكي لمن , لمن بيده ملكوت كل شيء فالله يقول اصبر إذا جاءتك المصيبة واستعن وضع كل ما عندك في تلك السجدات والركعات.

ابن عباس كان عنده بنت وحيدة رضي الله عنهما وجاء من السفر , تخيل لا يوجد جوالات ولا اتصالات ولا أي شيء , فقلبه سابق خطوات ناقته , وسار إلى المدينة لأجل أن يرى ابنته الصغيرة التي اشتاق لها , وهو في الطريق ماتت ابنته عليها رحمة الله , فأول ما دخل ابن عباس أشواقه تسبق خطواته فجاء شخص يصرخ يقول يا ابن عباس يا ابن عباس ابنتك ماتت عظّم الله أجرك .. انظر الصدمة , الصحابة الذين معه ينظرون إلى ابن عباس الآن هو على الناقة هل سيسقط من على الناقة فيخرّ ويموت أو يغشى عليه , فنزل من الناقة أمام الصحابة كأنه يخطو على قلوبهم ثم جاء إلى شجرة وربط ناقته فيها ثم قال الله أكبر ( صلى ) ثم قرأ ثم ركع ثم رفع ثم سجد وأطال السجود فلما انتهى ابن عباس قالوا يا ابن عباس يأتيك الخبر أن ابنتك ماتت و لا تذهب ترى ما الخبر وكيف ماتت ومتى , فقال إن الله جل جلاله أعطاني العلاج في القرآن قال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ ) قال فصبرت ( وَالصَّلَاةِ ) قال فصليت فربط الله على قلبي وأنا مرتاح الآن (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) ماذا قال بعدها سبحانه علاج و بلسم (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ ) سبحانه له الملك ارفع رأسك إلى السماء كلها قبضته , الأرض كلها بيمينه , أمور الدنيا كلها من السماء ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ) .

(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) إذا كان الله معك اقرأ الآية بعدها تفهم ما معنى أن الله معك , إذا كان الله معك لا يضرك لو الأمة كلها ضدك , ماذا قال الله سبحانه دعونا نتذوق نتدبر الآيات بقلوبنا , الآية التي بعدها قال ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ) واحد يقرأ يقول ما قضية الأموات بأني إذا جاءتني مصيبة أذهب أصلي وأصبر هذا فهمي وفهمك حبيبي الغالي لكن والله ما جاء هذا السياق والآيات اعتباطاً ( مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ) ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ) كل آية ما جاءت التي بعدها إلا لأجل أن تعلمك أمر وعلاج وفائدة في حياتك اليومية حتى تموت , ما علاقة هذه ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لَّا تَشْعُرُونَ ) ما علاقتها بالآيات ؟ يقولك الله عز وجل طلبنا منك تصبر وتستعين بالصبر والصلاة وأكون أنا معك تريد مثال كيف نقلب حالك أنا كنت مع الشهيد الذي صبر و ودّع أهله وقبّل أبناءه وإخوانه وهو يعلم أنها قد تكون آخر مرة يراهم فلما خرج للجهاد وهو صابر محتسب لي فلما كنت معه مات , فقلبت موته حياة , انتبه تقول أنه مات قل قُتل لكن لا تقول للشهيد مات , أنا أموت أنت تموت نسأل الله أن يجعلنا من الشهداء , ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ) إذا كان الله معك يقدر يقلب موتك حياة إذًا والله يقدر يقلب أحزانك أفراح , و يقدر يقلب همومك إلى سعادة تملأ الدنيا كلها , ستجد أن السياق عجيب قال الله بعدها (بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لَّا تَشْعُرُونَ ) ( عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) هناك ماذا قال الله بعدها ؟  قال (لَنَبْلُوَنَّكُم) هذه اللام لام القسم , الله سبحانه وتعالى لا يحتاج أن يقسم , لو قال نبلونكم والله سيفعل فكيف إذا أقسم سبحانه , قال ( لَنَبْلُوَنَّكُم ) اللام موطّئة للقسم ,كل من يقرأ والكاتب والحاضر والغائب والله سيبتلون لأن الله أقسم .. يبتلون بماذا ؟ ( لَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ) بخمس أمور  , هذه الخمسة والله ستذوقها , قد لا تذوق الأول لكن يكون عندك نقص من الأموال , قد تكون تاجر لكن عندك نقص في الأنفس أي أنك تفقد أولادك , والله سنذوقها, إذن والله إن أخطأتك الأولى لن تخطئك الثانية , لكن والله لن يخرج أحد من هذه الأرض حتى يبتلى بشيء من هذه الخمس .

  • الاربعاء PM 08:09
    2017-06-07
  • 2208
Powered by: GateGold