دعوات استجيبت فورًا فماذا عن دعواتك ؟!

ذكرنا كم رصيدك حتى تعلم كم سيستجاب لك من الدعوات , وذكرنا أيوب عليه السلام كيف أن الله سبحانه وتعالى قلب ذاك الحزن إلى فرح وذاك الهم إلى تفريج , وتلك الكربة إلى تنفيس , و رأى النور بعد أن كان في ظلام الابتلاءات , ثم قلنا أن الله عز وجل قال ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) لماذا العابدين ؟ قلنا العبادة يدخل في الرصيد صابر , أواب يتوب والله يحب التوابين.

ما الدليل أن على قدر رصيدك ؟! أكمل الآية التي بعدها( وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ )أكثر من العبادة تستحب دعواتك بإذن الله سبحانه وتعالى , ما الآية التي بعدها ( وَإِسْمَاعِيل )ذكر الله ثلاثة أشخاص أرصدتهم ممتلئة , من هم ؟! (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ) مالهم هؤلاء(كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ )سبحان الله رصيد مليء صبر , وأعظم رصيد هو رصيد الصبر (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) أكمل ( وَأَدْخَلْنَاهُمْ )ولله المثل الأعلى على قدر رصيدك يصل حد معين ثم يدخلون البنك في نطاق المتميزين فئة التميز فكيف ولله المثل الأعلى يقول الله عز وجل هؤلاء عندهم رصيد عظيم كبير فأدخلناهم أين يا رب ؟ (وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتنَا ) سبحانك يا رب , إذا كان أيوب عليه السلام في الآية التي قبلها أصبح عنده تفريج كربات كلها بسبب رحمة واحدة( رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا )فكيف هؤلاء الذين دخلوا في رحمتك التي وسعت كل شيء , أكمل الآية تذوق طعم القرآن ( وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتنَا إِنَّهُمْ )ماذا يا ربنا( إِنَّهُمْ  مِنْ الصَّالِحِينَ ) الرصيد يفرق ؟ نعم , على قدر ما عندك على قدر ما تأخذ , الآية التي بعدها أقرأ معي ( وَذَا النُّون ) ذكر الله في الثلاثة قصص ذكر جميع أنواع المشاكل , أصول المشاكل ذكرها لك , أصول الأمور التي تنكد على الناس أمور حياتهم (وَذَا النُّون إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ) ظن أن لن يضيق الله عليه , قل لكل سجين اقرأ هذه الآيات السجن وإن كنت في زنزانة انفرادية وإن كنت في بلاء عظيم على الأقل عندك هواء يدخل لك , عندك أكل يطعمونك و يسقونك , لكن هذا السجن أسوأ سجن على الأرض مسجون في بطن حوت , تخيل أنت الأن وأنت تدخل محل أسماك تجد الكل قد غطى أنفه وفمه لماذا ؟! لأنه متأذي من هذا الرائحة , هذه الرائحة خرجت عليك من داخل البطن وهذا أثرها في الخارج , فما ظنك بالرائحة داخل البطن , هناك كان ذا النون عليه السلام يونس فتخيل الحالة التي هو فيها ليست قضبان حديدية وإنما أضلاع حوت ثم جرى به في ذاك البطن فكل السوائل والحوت يطلع ويتقلب في تلك الظلمات الثلاثة ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنت سُبْحَانَك ) لا أحد يسمعني ولا هواتف ولا أحد يعلم أي حوت في البحر , ظلمة بطن الحوت ظلمة البحر ظلمة الليل (ِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنت سُبْحَانَك َ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) يعلم أن البلاء الذي يصيبك على قدر رصيدك من السيئات يصيبك من البلاء ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )فقال (إِلَهَ إِلَّا أَنت سُبْحَانَك ) ما قال يا رب ابتليتنا َو نحن  لم نفعل شيء , وأنا نبي وأطيعك , بالمقابل تجد ناس مقصرين مثلي ومثلك حبيبي الغالي وأختي الغالية و يؤخر الصلاة , ويكذب وغيبة ونميمة وإذا أصيب قال يا رب أنا لم أفعل شيء و ما هذه الحياة , هذا نبي يعني من أشرف الناس وأعظمهم استطاع أن يقول أما أنت يا ربي فسبحانك , والله ما ظلمتني لا إله إلا أنت فسبحانك , أما الظلم فوالله أنا أهل للظلم هي معصية واحدة فقط ذهب وهو غاضب قبل ما يأذن الله.

 الآية التي بعدها جآءت (ف) الفورية فعندما أقول لك ما أقول عمر فـ فهد يعني وراء بعض , أما إذا قلت عمر ثم فهد يعني بعد فترة , جآءت فاء الفورية هنا يقول الله عز وجل  ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ) ليست فِرق إنقاذ تغطس وتبحث عنك , لا .. أو تصيد الحوت , الأمر أهون على الله وهو يأمر الحوت ويأمر البحر ويأمر كل شيء عنده بمقدار سبحانه عنده الأمر كله ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )..

قال الله فاستجبنا له فانتهت القضية ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ) هنا عليك أن تغار  , يجب أن تغار وأنت تقرأ القرآن و تقول يا رب أنا غرت كيف دعوات دعيتها كثير ما جاءت بسرعة , يا رب هذه الدعوات التي دعا بها أيوب وذا النون يا رب استجيبت بسرعة ما السر؟ ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاه )سبحان الله نجيته من ماذا يا رب ؟ُ( وَنَجَّيْنَاه مِنَ الْغَمِّ ) والله غم والله لو تسجن يوم في دورة المياه اغتميت , كيف تسجن أربعين في بطن حوت أنواع الروائح وأنواع السوائل ولا يستقر (وَنَجَّيْنَاه مِنَ الْغَمِّ) لا تفتك آخر الآيات فيها رسائل لي ولك حبيبي الغالي , فيها رسائل للمتدبرين الله يجعلني و إياك منهم ( وَنَجَّيْنَاه مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) إذا طال همك وغمك وما استجيبت دعوتك ولا نجيت من الغم فإن هناك مشكلة في الايمان .

ما هو رصيد يونس عليه السلام ؟! وماذا لو لم يكن عنده رصيد ؟! هذا القرآن يجيبك لو لم يكن عنده رصيد قال الله عز وجل ( فَلَوْلَا أَنَّه كَان ُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ) إذًا رصيده مليء , رصيد عالي جدَا من التسبيح والتنزيه , نزهه الله سبحانه وتعالى فلا يقول ما يغضب الله , و لا يفعل ما يغضب الله , فكانت حياته تاريخه كله مليء , بشهادة من ؟ بشهادة رب العالمين الله عز وجل يقول ( كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ) يا ربي لو لم يكن من المسبحين ؟, لو كان رصيده كله يقول ما يريد ويفعل ما يريد , ويسمع ما يريد , ويذهب للذي يريد , ماذا سيحصل يا رب ؟ ( فَلَوْلَا أَنَّه كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ) أين ؟ (فِي بَطْنِه) بطن الحوت إلى متى يا رب ؟ِ (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) لكان إلى الآن لم يخرج , كان نقول أين يونس عليه السلام ؟! في أي بحر ؟! في أي بطن ؟! في أي حوت ؟! , إلى يوم يبعثون يخرج من بطن الحوت يعيش في هذا الغم والهم طول هذه الفترة , أرأيت كيف يفعل الرصيد ؟! فإذا كان عندك هَم راجع رصيدك , قد تتوب توبة صادقة تمحو كل الرصيد فيقلب كل المعاصي حسنات يكون رصيدك مليء فيزال عنك الغم (وَنَجَّيْنَاه مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) الله يجعلني واياكم من المسبحين ومن المؤمنين أسأل الله يفرج هم المهمومين من المسلمين وينفس كرب المكروبين وأن يجعلنا وإياكم من الصالحين.