عرض المادة

الحلقة السابعة | ما الذي يجعل الدعوة تأتي بأحسن ما تكون

 

 

ما الذي يجعل الدعوة تأتي بأحسن ما تكون ؟

 

 ليس كل دعوة تُعطى اياها هي خير لك , إبليس دعا أن يُنظر فأنظره الله ، ثم هل هو خير له ؟ استجاب الله دعاءه نعم ، إبليس أكثر من عُمِّر لكن هل هو خير له ؟!

إذًا ليس كل دعوة يُعطيك الله إياها هي خير لك , فرعون يدعو يُعطى ، أُمهِل فرعون لكن هل هي خير له؟

كيف أنا أستفيد و يكون كل دعائي الذي أدعوه يُعطيني الله اياه على أعظم ما أتمنى ؟ يعني دعوت دعوة اليوم فالله سبحانه وتعالى يعلم الخير فيها أنها تؤخر إذًا يؤخرها ، ما يُعجّل لي شيء أندم عليه , الله سبحانه يعلم أنه أفضل أن توضع دعوتك في شر قد يأتيني غدًا فيصرفه , فـيضعها سبحانه , متى يتولاني الله بهذه الطريقة ؟

كم رصيدك ؟ كم عندك ؟ قد يقول شخص و ما علاقة رصيدي ؟ أنت الآن خذ بطاقة الصراف الخاصة بك و فيها رصيد ألف ودخّل وأطلب خمسة ألاف , تعطيك !؟ لا تعطيك , ما علاقة هذا الموضوع ؟ قال الله عز وجل ( قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ ) دعونا نتّبع (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ )

تعالوا نسأل هل قضية الرصيد لها علاقة بقضية استجابة دعائي ؟  لا تنسى استجابة الدعاء ، ليست قضية إعطاء مسألة , إذًا هل الرصيد له علاقة في استجابة دعائي ؟ نعم , لِأجل هذا ذكر الله عز وجل في سورة الأنبياء قصص قصة تلو الأخرى ، لن نتكلم عنها كلها ولن نحيط بهذا القرآن العظيم (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي ) يعني استنباطات من هذه القصص (لَنَفِدَ الْبَحْرُ ) ينتهي البحر (قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي) هذه المعاني العظيمة (وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)

الله عز وجل يحكي عن قصة ثلاث أشخاص ، ثلاث رجال عندهم مشاكل مستحيل أن تكون عندنا ، لو جمعنا مشاكل حياتنا كلها لن تأتي مثل مشكلة واحدة وقعت عليهم .

أيوب عليه السلام كان في غنى وفي فرح , أولاده عنده والمزارع والبساتين والزوجة , كل شيء أعطاه الله سبحانه وتعالى , فجأة ! بدأ يموت الأول انتهى العزاء ، مات الثاني ! طبعًا الكلام هذا سهل لكن جربت فقد الولد ؟

الآن تذكّر لي أي واحد من أولادك أتاك اتصال الآن مات ! هل عرفت ماذا أقصد لمّا أقول ينتهي العزاء ، يموت الثاني ، تقطّع قلب أيوب عليه السلام , وينتهي العزاء ويموت الثالث ، وينتهي العزاء ويموت الرابع ، والخامس والسادس والسابع ثمّ خلا البيت ، لم يتبقى إلا هو و زوجته ، كيف ستكون نفسيته ؟ والله لو أعطيته كنوز الدنيا لا تعوضه تلك اللحظة ، لا تعوضه عن واحد من أولاده , ثمّ بدأ البلاء فيه نفسه هو ، ثمّ أصابه مرض فـأُقعِد , أصبح مُقعد حتى الحركة لا يستطيع يتحرك , هل جربت ؟ جربت أن تصاب في ظهرك في إحدى الفقرات ثم يُقال لك ثمانية وأربعين ساعة لا تتحرك ؟ حتى قضاء الحاجة لا تستطيع , ثم أصابه البلاء في جسمه بدأ يتساقط الجلد ، ثم جاء الفقر ، خسارة نفسية واجتماعية وأسرية وصحية , ثم جاءه الفقر فـذهبت زوجته تعمل عند الناس ، لم يعد عندهم أكل , فـدعا ربه ، يصف لنا الله سبحانه وتعالى هذا المشهد حتى نعلم من هو الله سبحانه وتعالى ، قال الله جلّ في علاه ( وَأَيُّوبَ ) ما به يا رب ؟ الكلام أحبتي لي ولكم ليست القصة هذه تخاطب أيوب عليه السلام (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى)

( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ) مسّني الضر أولادي كلهم دفنتهم ، صحتي ذهبت ولم أعد قادر على أن أمشي ، جسمي يتساقط أمامي ( مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) أنا حالي تعرفه سبحانك وأنت أرحم الراحمين .

تتفاجأ أنه ليست أول كلمة بعدها ، أول حرف بعدها ' ف ' , القرآن لذيذ حتى الحرف له طعم ، ' ف' معناها فاء الفورية ، يعني أول ما ارتفعت هذه الدعوات نزلت الإجابة ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ) سبحانك يا رب ! بسرعة ! بهذه الطريقة !؟ (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا) سبحانك ، فاء الفورية ، فاء وراء فاء , (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ) كلها ؟ في لحظة يا رب ؟ لا مراجعات ولا تعال نجرب معك الدواء النفسي و مضاد ومثبّط للأرق وللألم . سبحانك يا رب ! (فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ ) عوّضه الله رجّع له أهله ( وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) ضِعف ، ملأ له البيت ، امتلأ مرة أخرى بعد أن خلا - سبحانك يا رب ! ( وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) سبحانك! هذه العطايا من أين يا رب ؟! (رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا ) رحمة واحدة فعلت كل هذا يا رب ؟

إي وربي ، اللهم ارحمنا برحمتك يا رب .

( رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا و ذِكّرى ) ضع تحت هذه الكلمة -ذكرى- مليون خط ، وذكرى لمن يا رب ؟ من الذي تريده يستفيد من هذه الآيات ؟ ( وَذِكّرَى لِلْعَابِدِينَ ) سبحانك! ما قال وذكرى لِـ الدّاعين لماذا ؟

لأنه سيقول لك أن هذا الرجل رصيده مليء ، فلما أراد أن يسحب رصيد مليء ، من الذي يقول أن هذا الرصيد مليء ؟ (إِنَّا وَجَدْنَاهُ) وجدناه! سبحانك كيف وجدت أيوب يا رب ؟ أنت مطّلِع على سره ونجواه في خفاياه كلها , تقييمك لحياة أيوب كلها ماذا وجدته ؟ كيف ؟ تقدير كم ؟ (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا) سبحان الله ! لم يجزع وقال يا أخي كل الحياة من يوم عشنا ما رأينا خير , (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ) تخيّل يقول لك ملك من ملوك الدنيا فلان والله ونِعم ! فكيف والذي يقولها الله سبحانه (نِّعْمَ الْعَبْدُ) لماذا يا رب نِعم ؟ ما الذي في رصيده حتى يكون ونِعم ؟ ( نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ) هذه صفقة للمتدبرين  ، الله يجعلنا وإياكم منهم ، صفقة لا تضيع على المتدبِّر  (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ) أريد أكون مثله يا رب ، أريد أن أكون ونِعم عندك ماذا أفعل ؟

(إِنَّهُ أَوَّابٌ ) أتحداك يذنب ذنب ثم يجلس و يضحك وكأنه لم يذنب , لا والله يُقطّع قلبه الذنب ( نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) فـحبيبي هل إذا أخطأت و أذنبت تستغفر وتصلي ركعتين وتقول يا الله يا رب سامحني ، ربي إلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ، أم أن الذنب عندك أمر طبيعي ؟ إذا كنت من الأوابين فـأبشر رصيدك مليان تكون نِعم العبد , حسنًا ماذا يعني صابرًا ؟ جاءته زوجته بعد ثمانية عشر سنة من الألم والتعب وفقد كل ما يُحب ، قالت له : ألا تدعوا الله ؟! , فقال: كم عِشنا في الرخاء ؟ قالت : ستين سنة , قال : وكم لنا في البلاء ؟ , قالت : ثمانية عشرة سنة , قال: والله إني لأستحي

هل عندك رصيد هذا ؟

إذا كان هذا الرصيد فأبشر إن دعوت ، فـاء الفورية (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) .

 

 


  • الاربعاء PM 07:57
    2017-06-07
  • 1948
Powered by: GateGold