القائمة الرئيسية
احصائية الزوار
الزوار
عرض المادة
الحلقة الخامسة | هل الهدهد أفضل منك ؟
هل
الهدهد أفضل منك ؟!
كما ذكرت كل حياتنا مذكورة في القرآن ، كنت في الطائرة
بجانبي رجل ، لا أنسى هذا الموقف ما حييت ، بجانبي رجل أوروبي قبل أن تُقلع
الطائرة كانوا المضيفين والمضيفات يقدمون الشاي والقهوة والعصائر ، فقبل الإقلاع
الرجل جالس يمسك كتاب عدد صفحاته تقريبًا 800 صفحة ، كتاب لا أستطيع حمله أنا ، لا
أعلم كيف حمله ! ، الشاهد ليس في الكتاب ! الشاهد أن الرجل من شدة تعلقه ويرى
الكتاب ويقرأ والمضيفة تعطيه العصير لا ينظر إليها , لا يفوت ولا لحظة، فتعجبت قلت
سبحان الله كل هذا التركيز على ماذا ؟! في النهاية هي رواية تفاهات بشر وأفكار بشر
قالها وكتبها , وهذا الرجل متحمس ! كان
المصحف في جيبي ، فجلست أفكر قلت سبحان الله الواحد منّا إذا قرأ القرآن الجهاز
يرُن ..يفتح الجهاز ! قابل للتشتيت ، لو يسمع شخص لم يكلمه قال يمكن يكلمني ! ،
ليتنا نركز ربع هذا التركيز مثل ما ركز الرجل في تلك الرواية . فمن النفس اللّوامة
جلست تعاتبني أخرجت المصحف وفتحت ، والله يا جماعة لم أكن موسّم المكان ففتحت هكذا
لا شعورياً ، ففتحت قلت والله إذا هذا يركز في كلام بشر نحن أحق نركز في كلام رب
البشر. ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ )لكنّك
جاد ؟ أو تريد تقرأ؟ ما قال هل من قارئ ! ما قال هل من تالٍ ! من حافظ ! قال ( فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ )هل مِن أحد جاد ؟ هل من أحد فعلا ً يريد أن يفهم ؟ .
ففتحت القرآن فجأة أقرأ آيات والله إني أحفظها لكن
بعمري لم أذُق طعمها ، ونحن مشكلتنا هنا قلب ، ماهي الآية ؟ قول الله عز وجل ( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ )تخيلت سليمان عليه السلام وهو قادم يتفقد الوحوش وحُشر
لسليمان جنوده من الإنس والجن والطير ، بالله تخيل .. تخيل شخص محشورة له كل
الحيوانات وكل الطيور والجن في جهة ، والإنس في جهة ، والأسود في جهة والسباع في
جهة ، كلهم عنده خدم ، ثم مرّ على الطيور ( وَتَفَقَّدَ الطَّيْر َ) وهو ينظر يمنة ويسرة ! (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ) كل الطيور حاضرين ماعدا الهدهد ( أَمْ كَان َمِنَ الْغَائِبِينَ )كل الطيور تنتفض وترتعد مع أنها لم تَغِب ! ، بدا
سليمان متضايق يهدد عليه السلام قال (لَأُعَذِّبَنَّهُ)لم يقل سأعذبه ! (لَأُعَذِّبَنَّهُ)فيها قسم أي يحلف يقول : والله لأعذبه ، الهدهد هو
بالأصل صغير الحجم ! إذا يهدده ملك مثل سليمان إذاً بالله أين سيذهب ؟! (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا )ليس أيُّ عذاب ( عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ )أسامحه ؟ لا (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) أهل التفسير يقولون (لَأُعَذِّبَنَّهُ) قال سأنتف ريشهُ ريشةً ريشة ثم أجعله تحت أشعة الشمس
وتحت نارها وحرّها حتى تأكله هوام الأرض وهو حي (عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ
لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ)وإلا يكون لديه عذر مقبول وإلا والله أقطعه أمامكم ..
سبحان الله ! الوحوش الأخرى خافت ، ماذا حصل ؟ ، وأنا أقرأ كأني أراها بالصوت
والصورة (فَمَكَثَ
غَيْرَ بَعِيدٍ)
قليلا (فَمَكَثَ غَيْرَ
بَعِيدٍ )سواد
أتى من فوق يطير ثم نزل على الأرض بتلك الأقدام الصغيرة وأخذ يقفز حتى وصل عند
سليمان ثم قال (فَمَكَثَ
غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ) ما هذه الجرأة ؟! لم يقل سامحني تأخرت ! لا (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِه وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ
)يقول أنت متضايق تظن
أني أتيتك من المزارع القريبة ! لا , أنا جئتك من سبأ من اليمن ، للتو وصلت (وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ )سبحان الله ! ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ )متعجب الهدهد كيف امرأة تملك رجال ! ، المرأة خلقت
للأمومة للعطف ، ليس مكانها تناطح الرجال عندها دورة وحمل ، الله سبحانه خلقها
أعظم وظيفة تُربي النشء ، تخرجني أنا وأنت ، تُخرج ملوك لكن لا تصلح هي ملك ، هي
مشاعر ليست ناقصة مشاكل ، عاطفتها تكفي أهلها ، وعندها عطاء تعطيه الأهل ، المرأة
خلقت تُعطي من تحب فلماذا تخرجها تخدم من لا تحب ؟! ويهينونها ويتكلمون عليها ! .
الشاهد أن الهدهد استغرب ! كيف امرأة تملك رجال ؟! ،
قال ( وَجَدتُّ امْرَأَةً
تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ ) يقول لو رأيت عرشها يا سليمان ( وَلَهَا عَرْش عَظِيمٌ ) ، هذا كله الآن إخبار .. إخبار .. إخبار ، إلى الآن لم
يخبرك بما قطّع قلبه ، بدأ الآن يجتث معاني عظيمة من أعماق قلبه ويبثها بين يديّ
سليمان قال (
وَجَدتُّهَا )ما
الذي قطّع قلبك ؟ (وَجَدتُّهَا
وَقَوْمَهَا) ماذا
يفعلون ؟ (
يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ )سبحان الله ! وأنا أقرأ في الطيارة أقول : الهدهد ما
علاقتك يسجدون للشمس أو للقمر أو للنجوم ؟ أي أنت ليس لك علاقة ! أنت خلقك الله
تأكل تشرب تنام تموت تصبح تراب يوم القيامة ، انتهت قضيتك ، ما علاقتك في( يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ) ماذا فعل لك الله عز وجل ؟ والله يا جماعة أني أقرأ
وأسأل نفسي : لماذا يتضايق ؟ لماذا يتقطع قلبه ؟ لما أتى من سبأ ؟ لماذا عرّض نفسه
لتهديد سليمان ؟ (
وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ
لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) والله مشكلة ! هدهد يستنكر على إنسان ، ويعرف أن
الشيطان يُخادعه ، (
يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) طريق الجنة هنا هو ذهب بهم هناك ! (فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ *
أَلَّا ) انظر
إلى الكلام الكبير ، كلام ثقيل يقول لسليمان وكل الوحوش ، الجن تسمع والإنس تسمع (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ) سبحان الله ! مُعارض يقول لماذا ؟ كيف يسجد لمخلوق
خلقه الله ؟! لماذا لا يسجدون لله ؟! هذا الجبين لا يوضع إلا لله ، وهذه الدعوات
لا تُبث إلا لله ، وهذه السجدات لا يستحقها أحد إلا الله ، (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ )ماذا فعل لك الله سبحانه وتعالى ؟ قال ( الَّذِي )أُخبرك لماذا أنا متضايق ؟ أخبرك لماذا قلبي يحترق على
دين رب العالمين ؟ (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ ) والله
جمع السحب وجعل السحاب الثّقال تُحمل في تلك السماوات ، قال فشق الأرض شقاً ثم
أخرج فيها نباتاً ثم أتيت أنا بكل راحة وأكلت ، كل هذا والله لم يفعله أحد مع الله
و لا شريك ولا ند في هذه القضية إلا الله ، هو الذي أنزل الماء من السماء وأخرج لي
الحب وأكلت بكل راحة ، وأعطاني جهاز هضمي ، و بلّ عروقي وأشبع جسمي وأنبت ريشي ،
كيف أرضى أن أحد في أرض الله يسجد لغير الله وأنا أرى وأصمت ؟! ، الله أكبر ! ما
الذي أعطاه الله ؟ حبتين قمح ، لأجل حبتين قمح لم يرضى أن يرى أن يُعصى الله أمامه
ويسكت ! ، إذاً نحن ماذا نقول ؟! والأكل داخل وخارج ، والشرب في السيارة وفي
الطيارة ، إذاً ماذا سنفعل ؟! متى سيبين و سيظهر في أعيننا شيء ؟! ، حبتين قمح وعش
تذروه الرياح ، إذا تعب على العش جاءت الرياح وهدمته ! ، وبيوتنا ؟ من أعطاك بيتك
؟ أنت أم الله ؟ الله ، لولا الله والله لا تجد لك غرفة تسكن فيها والله ، ماذا
بقي؟ وأثاث ومكيفات وأنوار وكهرباء ، هذه كلها لم تَظهر في عينك أنك إذا رأيت الله
يُعصى يضيق صدرك وتحاول تُغير!
سبحان الله !
حبتين قمح حرّكت قلب الهدهد ، ماذا قال له سليمان ؟ لم يقل "بيّض الله وجهك
" ما دمت خدمت الدين الله يوفقك ويسعدك ! لا (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ
الْكَاذِبِينَ)
سأنظر إذا كنت صادق أم كاذب ، والله لو تذهب الآن تبلغ بلاغ في الهيئة أو تحاول
تنكر منكر ثم يقول لك أحد سننظر أنت صادق أم كاذب ، كان تقول لن أتكلم لدينكم ،
لأنك لا تعمل لله ، لأننا لا نعمل لله ، نعمل لأنفسنا فنرضى بالكلمة ونضيق ، لو
أننا نعمل لله كان لا يضرنا إذا قيل لنا كاذب أو صادق , ما دام أني أخدم الدين
فأنا سأُثبت أني صادق .
-
الاربعاء PM 07:55
2017-06-07 - 1752