عرض المادة

الحلقة الثانية | كيف نجد طعم هذا القرآن ؟

 

كيف نجد طعم هذا القرآن ؟

حبيبي الغالي إذا كنت عطشان في أشد مراحل عطشك ! لو قرأت عندك كتاب يتكلم عن فوائد الماء وقلت لك أن فيه عناصر الماء الأكسجين والهيدروجين وقلت لك كل فوائد الماء من كتاب صفحة رقم 1 إلى صفحة رقم 100 هل ترتوي ؟ لا ، هل تجد طعم الماء ؟ لا، هل تشعر بشيء تغيَر ؟ لا، بل ازداد عطشك ولم تستفد شيء وتقول يا ليته سكت!، حسنًا لو أخرجت هذه القارورة وقلت لك انظر إلى الماء بعينيك انظر إليه، ألمسه، ألمس الماء، تبَصر، انظر، تفكر، كلها لا ترويك!، متى ترتوي ؟ إذا فتحت الماء ثم اسقيتك إياه , أما قبل هذه اللحظة لن ترتوي , ولأجل هذا الكثير منا يسمع عن القرآن ويسمع عن عظمة القرآن ، لكن في حياته لم يذق طعم القرآن ، تخيل حبيبي الغالي لو نحضر شخص ونخيط فمه و هو عطشان ونجعل الماء في كتفه وفي يده وساقه في رأسه كل هذه لا ترويه لأن هذا الماء ليس له مكان إلا أن يبل العروق ثم يصل إلى الجهاز الهضمي حتى ترتوي به العروق  ، قبل هذا كله لن تستفيد من الماء ..

 عرفت لماذا قدمت هذه المقدمة ؟

حبيبي الغالي قدمت هذه المقدمة الطويلة العريضة لأن كثيرًا نسمع عن القرآن، وكثيرًا نقرأ القرآن، لكن هل عرفنا لماذا نزل هذا القرآن ؟ وعرفنا أين العضو الذي يتلذذ بالقرآن ؟ وعرفنا إذا كان هذا العضو مفتوح أو لا ؟، لا تصف العسل وطعم العسل لمن ليس له لسان ، لا تغلف لساني ثم تمدح لي العسل!، لو تسكبه لي مالم تنزع هذه الأغلفة عن لساني لن أجد طعمه ، إذًًا لن يتغير شيء، هذا الذي قاله سبحانه جل جلاله، يقول الله عز وجل عن هذا القرآن: (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ)سبحان الله هو نبأ عظيم ، أين المشكلة ؟ لماذا لا أشعر بعظمته ؟، الواحد منا عندما تقول له " قرآن عظيم" يقولك أعظم كتاب في الأرض ، لا أريدها من لسانك، ولا أريدها من لساني، هل هذا فعلًا الذي تشعر به في قلبك وأنت تقرأ ؟، تشعر أن الكتاب عظيم ؟  أم فقط نقول عظيم لأنه قرآن ولأن درسنا بأنه كتاب الله وأنه أعظم كتاب ؟

 هل أنت حبيبي الغالي وأنت تقرأ أو تسمع تقول: يا الله ما أعظم هذا الكتاب!، هذا الذي يقوله الله عز وجل: (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) لماذا لا نشعر بعظمة القرآن ، أين المشكلة ؟ (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ ..) مالنا يا رب ؟ (أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)سبحان الله , القرآن  يقول الله عنه بأنه عظيم انتهى وضعه , إذًا المشكلة

أنتم عنه معرضون، معرضون لماذا ؟ نحن نقرأ !!  لا، القضية ليست قضية إعراض لأنك لا تقرأ ، دعني حبيبي الغالي أسأل سؤال بسيط ؟ والله سؤال سألت به نفسي، قلت هذا القرآن لماذا أًنزل ؟ لما لا أشعر بطعمه ؟! نقرأ ونسمع لكن لا يوجد شيء تغيَر، لا نشعر بشيء من الداخل إلا من رحم الله ، لماذا أُنزل هذا القرآن؟ دعونا نسأل ونأخذ الإجابة من  (القرآن) ، لأن هذا القرآن فيه تفصيل لكل شيء، نسأل لماذا أنزل، يقول الله عز وجل (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ) نزل هذا الكتاب مبارك ، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّـ )اللام هذه اسمها لام التعليل ، يعني تريد تعرف السبب خذ السبب، ما هو السبب ؟ (لِّيَدَّبَّرُوا)سبحانك يا رب ، إذًا ما قال ليقرؤو لأجل ذلك نحن نقرأ كثير ، لكن هل نعرف ما معنى ليدبروا  ؟، ما قال ليحفظوا ، الحفظ جميل والقراءة جميلة والتسميع جميل والسماع جميل لكن هناك شيء أجمل منهم كلهم وهو الحكمة , لم ينزل القرآن لغيرها ابتداءً ، كل الذي بعدها تأتي تباعًا، (لِّيَدَّبَّرُوا)خذ الصاعقة، ليدبروا ماذا ؟ سورهٌ ؟ يعني كل سورة تطلع منها بفائدة ؟ لا، (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)كل آية لها مع قلبك حكاية إذا كان القلب مفتوح ، اسأل الله أن يفتح قلوبنا لتدبر هذا القرآن ، (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) ماذا يحصل بعدها ؟ هنا تنزل القضية , ماذا يحصل بعدها (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)سبحان الله ، إذًًا إذا تدبرت القرآن بقلبي سيتغير فكري ونظرتي للأشياء ؟ نعم، ستتغير نظرتك للأشياء، ماذا سيحصل بها ؟ سيحصل الشيء الكثير، ستصبح الأخبار التي تهز غيرك لا تهزك!، لأن نظرتك وفكرك اختلف، أعطيك مثال سريع: رجل من السلف في رحلة بعد عناء وشقاء تذكر أبنائه فلذات كبده ، فقال سأشتري لهم من هذه القرية ملابس وهدايا ، فوقف يتبايع مع البائع ويجادله في السعر ثم فجأة بدون أي سابق إنذار صوت أحدهم يصرخ , وإذا بالناس يهربون , حتى البائع ترك القماش في يد المشتري وهرب ، فالتفت الرجل ولم يجد في السوق أحد!، فإذ بصوت من خلفه يأتي و إذ برجل يأتي معه سيف ثم ينزع السيف ثم يهزه في وجهه ويقول ما لك لا تتنحى عن الطريق والله لتتنحين عن الطريق أو لأقطعن عنقك وأفصلها عن أكتافك، الرجل لا يعلم ما القصة ؟ فنظر إذ بصوت آخر يأتي إذ به الملك يأتي جاء في حاشيته وجنوده ، قال دعه لا تقتله، فأخذ الرجل السيف فجعله في غمده، فأخذ الرجل المشتري يضحك! فالملك غضب قال ما يضحكك؟ أمر جد كان فيه قطع رقبة وأنا سامحتك، ما يضحكك؟، قال: اضحك من حاجبك هذا يريد أن يقرب أجلي ساعة و أنت أبيت تريد أن تأجل أجلي ساعة! والأمر ليس لك ولا له , قال الله جل جلاله: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ) والله لن تخرج هذه الروح (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا) يقول الأمر ليس بيدك ، نظرت لما الآية وقرت في قلبه ، غيرت من فكره ، فأصبحت الأمور تهز الناس  لا تهزه!

تعال أخي الغالي نرجع (لِّيَدَّبَّرُوا)اسأل نفسك ، أنا والله أخي الغالي كنت مع نفسي صريح وأنا أحب لك ما أحب لنفسي ، سألت نفسي عند هذه الآية قلت يا ربي أنا لا أتدبر ، ما معنى (لِّيَدَّبَّرُوا) ، وبأي عضو هذه الكلمة ، رجعت إلى هذا القرآن تفصيل لكل شيء، ما دام طرحت هذه القضية إذا ستُفصل، اسأل وستجد الجواب في هذا الكتاب، والله ستجده مثل ضوء الشمس ، قال الله عز وجل (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)عمل عملية بحث كلمة تدبر (يدبروا) (تدبروا) (يتدبرون) تلك القضية كل أسألتك تجيبك حتى تعرف كيف تعيش ؟ ، (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) كلام جميل (أَفَلَا)خطاب لمن ؟ هل في يوم حبيبي الغالي وقفت مع هذه الآية ؟ ما المشكلة ؟ أكمل الآية (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ) أم ماذا ؟ لا يوجد عشرين خيار بل خياران فقط ، إما أنك تشعر بطعم هذه الآيات وتهز قلبك وتغيَر فيك أو الخيار الثاني ، أم ماذا يا رب ؟ (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ)يا الله ، إذًًا حدد لك أين المشكلة، وحدد لي أين المشكلة (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ) ما بها يا ربي ؟ (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) يعني بكل صراحة تشعر بطعم القرآن ؟ نعم : هنيئا لك ، لا : والله مقفل ،(أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)إذا ما كان تشعر بطعم القرآن ، سألت نفسي سؤال وقلت يا ربي ما الذي اقفلها ؟ لأسعى لفتحها ، لأن صعبة أعيش هكذا و قلبي مقفل وهذا القرآن أنزل للتدبر , يعني أعيش في الحياة بلا تدبر  مصيبة ، قال الله عز وجل(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ) ، سمع قول الله (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) ، سمع قول الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) سمع قول الله عز وجل(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا) ليس في بيوتكم بل (مَعَ الرَّاكِعِينَ)في المسجد ، سمع (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)، سمع (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، المهم أنه ذُكر بآيات كثيرة ، سمعها في الفجر وفي المغرب والعشاء، آيات كثيرة سمعها أو قرأها، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عنها ونسي)  سبحان الله، يعني ذكر بآيات هذه كله ثم في حياته ليس لها علاقة ..، يطبق خلاف ما سمع (فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ) نسي ماذا ؟، كلام قوي(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًاْ) والله ثقيل!، نسي ماذا ؟ ما سمع؟ لا، القضية ليست قضية سماع، نسي ما حفظ ؟ لا, القضية ليست قضية حفظ، نسي ما قرأ؟ لا، القضية مختلفة تمامًا (وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) لحظاته ونظراته، كلماته وخطواته، وكل حركة في يده وهو يضرب على الكمبيوتر في مواقع إباحية، كل هذه ونسي ما قدمت يداه.

ربما يسأل أحدهم ما علاقة هذه في قلبي والقرآن والتدبر؟ ماهي العلاقة؟، لها علاقة كاملة لماذا؟، أكمل الآية حبيبي الغالي (وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ)ماذا؟ (أَكِنَّة)مثل التوابيت، لماذا؟ (أَنْ يَفْقَهُوهُ)يقول أقفلت قلبه لماذا ؟ ما قال أن يحفظوه، حافظ أجزاء كثيرة، أن يقرؤوه تقرأ ختمات كثيرة، لكن ما الذي سيحرمني منه ربي؟ إذا كنت أسمع و أذكر بآيات الله وأفعالي كلها ليس لها علاقة بالذي أسمعه، ما الذي سيكون يا ربي؟ (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) تصبح تقرأ وتقرأ عشرة أجزاء وأقول لك حبيبي الغالي أين وصلت؟، تقول لي خلصت عشرة أجزاء ما شاء الله، بالله ما شعورك ؟ يقول: ولا شيء!، لم أشعر بشيء انتهيت فقط، ختمت القرآن عدة مرات , بماذا شعرت ؟؟ هنا المشكلة (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)

عرفنا أن هذا القرآن أين أنزل؟ في هذا القلب، وليدبر الإنسان هذا القرآن، وعرفنا أننا إذا لم نشعر بشيء فإن هذا القلب مقفل، وتعرفنا ما الذي أقفله ..

كيف يُفتح هذا القلب ؟، العضو الذي هو أخطر وأهم عضو عند الله، بل يُقيَم الانسان (إن الله لا ينظر إلى أشكالكم ولا إلى صوركم) ولا كم عندك في البنك، (ولا إلى أموالكم) في رواية، (ولكن ينظر إلى قلوبكم) اسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يفتح الله به هذا القرآن وأن يجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب هممنا وغمومنا وقائدنا إلى جناته جنات النعيم

  • الاربعاء PM 07:52
    2017-06-07
  • 1742
Powered by: GateGold