عرض المادة

أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ

أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبدأ بسم الله مستعينا راضٍ به مدبراً معينا , الحمد لله الذي هدانا إلى طريق الحق و اجتبانا , أحمده سبحانه و أشكره و من مساوئ عملي استغفره و أستعينه على نيل الرضا و أستمد لطفه فيما قضى , و بعد ..
فإني باليقين أشهد شهادة الإخلاص ألا يُعبد في الكون معبود سوى الرحمن من جل عن عيب و عن نقصان ,

وأصلي وأسلم على  خير خلقه محمدا من جاءنا بالبينات و الهدى روحي و أبي و أمي و نفسي وكل ما أملك له الفداء عليه الصلاة والسلام ..

أما بعد .. حياكم الله و سدد على طريق الحق خطاكم .
يقول ربي جل جلاله و أعظم الكلام و أجل الكلام كلام ربي سبحانه , يقول جل جلاله : 
( أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا .. ) سبحان الله, كلام كبير, كلام عظيم , " أوَلَمْ يَكْفِهِمْ " لو أبوك أو من له حق عليك يقول "أوَلَم يكفيك أني...؟" تعلم أنه بعدها سيقول لك و يذكر لك نعمة عظيمة كان هو سببا فيها !""و لله المثل الأعلى""
فكيف إذا كان الله سبحانه هو القائل و
المتكلم جل جلاله  ؟ قال
" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا .." ماذا تتوقع ؟ هل سيقول أولم يكفيهم أني حركتهم ؟ و حركت أرجلهم ؟ لا..أولم يكفيهم أني أجريت الدماء في عروقهم ؟ لا..أولم يكفهم أني أعطيتهم أعين ؟ لا ..أولم يكفهم أني جعلتهم يتكلمون ؟ لا..

إذن ما هي النعمة التي يمتن الله بها على الناس ؟لاحظ لم يذكر إلا نعمة واحدة !"أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا... "
سبحانك ! أنزلت رزق ؟ لا .. شي أعظم من الرزق , و أعظم من كل نعمة تحملها , و أعظم من قلبك الذي ينبض بين جنبيك , وأعظم من عينيك التي تنظر بهما !
و أعظم من أذنيك و رجليك و شفتيك و كل شي !
"أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب.." سبحانك!
" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ "
سبحانك! يقول و الله لو ذقت طعم الكتاب لعلمت أنك لو كنت معاق و عندك فشل كلوي ومرض القلب و فشل في الرئتين و عندك سرطانات الدنيا كلها و أذاقك الله طعم القرآن في قلبك و الله تكفيك نعمة أن تكون بخير فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض !سبحان الله!
" أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ " أتحسبها سهله ؟طبعا الذي لم يسبق له أن ذاق طعم القرآن يرى الكلام هذا كله لا قيمة له ومُبالغ فيه ,يقول ما الذي يقوله هذا ؟!

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً )هل تستشعر الآيات وأنت تقرأ القرآن ؟ أم تقرأ وفكرك مشغول, تقرأ وقلبك لاهٍ يمنة ويسره ؟( إنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَة وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )سبحان الله !

الواحد يسمع الآية يقول أنا مؤمن أصلا !حسنا  لماذا لم يحس بالرحمة و الذكرى ؟ لماذا ؟ حسنا هل أنت حقا مؤمن حبيبي الغالي ؟ هل أنا حقا مؤمن ؟لا تَعرِض نفسك على حياة الناس الذين كلهم يحسبون أنهم مُهتدون ! و كلنا نحسب أنا مؤمنون !

ولكن اعرضها على كلمة "مؤمنون" في القرآن الكريم ماذا تعني ؟ قال الله عز وجل :" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون "سبحانك َ!
يأتي إبليس يقول لي مثلما يقول لك حبيبي الغالي , ماذا يقول ؟ يقول "لكن أنت منهم" !حسنا دعونا نرى ما هي صفاتهم واحدة واحدة , نضع أمام كل صفة علامة صح إذا كنا متصفين بها وعلامة خطأ إذا لم نكن متصفين بها .
" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ " صح أو خطأ ؟هل تصلي  وتحس أنك فاهم ماذا تقول ؟ هل تستشعر "سبحان ربي الأعلى" وأنت ساجد ؟ هل تستشعر و أنت رافع من الركوع "سمع الله لمن حمده ربنا و لك الحمد"؟

لك الحمد على ماذا ؟ قلبك الذي ينبض أم رجليك الواقفة و غيرك معاق ؟ أم على إسلامك و غيرك يسجد لبقر و حجر ؟! أم على كلاك التي تغسل ؟ أم على أولادك ؟ أم على أنفاسك ؟على ماذا تشكر؟!!!على ماذا تقول "ربنا و لك الحمد" ؟! "حمدا طيبا كثيرا"  ملء ماذا ؟قال "ملء السموات والأرض"  (لا يكفي)"و ملء ما بينهما"  (لا يكفي)"و ملء ما شئت من شي بعد"استشعر أنك تحمد ربي ..حبيبي الغالي لو أنك كنت نائم في البر منقطع ليس عندك بنزين و لا أكل منقطع عن كل شي , ليس عندك شي و نمت واستيقظت الصباح فوجدت مائدة فطور من جميع الأنواع و ألذ الأطعمة و شاي و قهوة و حليب و تمر و بيض و كل شي أمامك ! هل ستأكل ؟!أم ستنظر أولاً يمين ويسار لتعرف من أحضره لك لكي تشكره ؟هل فعلت ذلك مع نعمة البصر ؟ هل استيقظت وفتحت عينيك  وفكرت أن غيرك أعمى وقلت مَن أعطاني نعمة البصر ؟أم قلت هي أصلاً لي ؟ لا..لا ..هي ليست لك ! هي لله , " إنا لله " ..لأجل هذا النبي صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك .. " فيا أحبتي : في المثال السابق نبحث عن الذي أحضر المائدة لأجل أن نشكر من أحضرها

حسنا , النعم التي أنت غارق فيها , تقوم وغيرك مُقعد 60,40 سنه لم يقم قط , تستطيع تنظيف نفسك وغيرك لا يستطيع , يا أخي اسأل نفسك مَن الذي حركك ؟ غيرك لديه يدين لكن لم يحركها !هل استشعرت كلمات : سمع الله لمن حمده ؟ ربنا ولك الحمد ؟أم فقط نحفظ ؟
لأجل هذا أحبتي قال تعالى في صفات المؤمنين
" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون "هل أول صفه فيك ؟ ضع علامة صح أو خطأ ؟ آخر صلاة صليناها "العشاء" هل خشعنا فيها ؟هل نتذكر ماذا قال الإمام أم لا ؟
الصفة الثانية :
"وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون "هل تتكلم بما شئت ؟ أم  تحس أنك رابط لسانك ؟

أناس تغتاب هل تشاركهم؟أناس تعاكس هل أنت معهم ؟أناس تمشي بالنميمة هل أنت منهم ؟( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ)أم هناك ضبط ؟(عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون)فيا حبيبي الغالي القضية مَن المؤمن الذي يحس ؟قال جل جلاله : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُم) سبحان الله !كم يُذكَر الله عندنا في اليوم ؟ نسمع " الله أكبر" في الأذان هل يُجِب قلبك ؟نسمع آيات تكسر الجدران في الصلوات هل تحس أن هناك شيء يتحرك في قلبك ؟ أم مجرد تحريك للسان ؟حبيبي الغالي الكلام هذا مهم جدا , لاحظ أداة الحصر والقصر:" إِنّما "  في الآية .

هل تحس بكلام الله , هل يستحضر قلبك نعمَهُ عندما تذكره ؟سأعطيكم مثال أحبتي :افرض أن أحد أحبابك مريض بالفشل الكلوي وأتيتُ أنا عبد المحسن الأحمد وتبرعت له بإحدى كليتي وشُفي ولم يعد يغسل ورجعت حياته طبيعية ويجلس يضحك معك وتخرجون سويا للتنزه كما في السابق

..

تخيل بعد سنة وأنت تتحدث في مجلس من المجالس وجاء أحدهم وسلّم ثم قال عبد المحسن الأحمد يُبلِغُكم السلام , في هذه اللحظة بماذا ستشعر ؟

عبد المحسن؟ وتبدأ تراجع فضل عبد المحسن عليك وعلى حبيبك هذاوأنه قد أعطاكم كلية وكان السبب في تغيُّر حياتكم , وتقطع المواضيع كلها ولم يعد في خاطرك إلا عبد المحسن , ستحس بشيء في قلبك عندما يُذكر اسم عبد المحسن !

لماذا ؟ لأنه أعطاك كلية واحدة !حسنا والذي أعطاك اثنتين ؟!!!

وأمك اثنتين وأبناءك اثنتين وأهلك اثنتين ؟!!!

أم أن الأمر طبيعي عندما يُذكر "الله" كما لو ذكِر

خالد , سعد , ناصر , صالح !

حبيبي الغالي هناك أناس تقول أنا لم يسبق وفكرت بهذا الشيء !والسبب حبيبي الغالي أن الشيطان ضحك علينا وقال أننا "مؤمنون" !!(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيس ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ)

قال أنتم مؤمنون فصدَّقناه ..لا نخشع في صلاتنا ونقول نحن مؤمنون , كاملو الإيمان !لا نعرض عن اللهو ونقول نحن مؤمنون !يُذكر اسم الله عندنا ولا تتحرك قلوبُنا , تتلى الآيات ولا يزداد إيماننا !إيمانك يجب أن يزداد إذا كنت مؤمن ؟

من الذي يقول ذلك ؟الله سبحانه وتعالى يقول : ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ).

تنزل سورة على نبيه عليه الصلاة والسلام روحي له الفداءوالناس جالسين مثلنافقرأها النبي عليه الصلاة والسلام

ولما خرج الناس من المجلسيسألون بعضهم البعض

(أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ ..)ماذا زادته ؟ يد ؟ رِجل  ؟ عين ؟ مال ؟لا.. لا ..زادته شيء أغلى(أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا)(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا)الله تعالى يقول إن كنت مؤمن ستسمع القرآن بشكل مختلف .

حبيبي الغالي : هذا اللسان هو الذي يذوق الطعم صحيح؟

تخيل لو غلفنا لسان أحدهم تغليف بلاستيك ثم وضعنا أمامه

خل وعسل بلدي وعسل سدر وعسل جبلي وماء وملح وسكر

ووضعنا جميع أنواع المشروبات

ثم تُذيقه العسل وهو مغمض العينين و تقول  له ما رأيك  هل هو حلو؟ لن يدري لأنه مغلّف اللسان .

ماء , سكر , ملح كلهم سواء.لأجل هذا أكثر الناس لديه شيء مُقفل فيسمع قرآن مثلما يسمع نشيدمثلما يسمع كلام بشر..

هذا القلب وضعه واحد في كل الأحوال !!

لماذا ؟ لأنه حبيبي الغالي إذا كان لا يذوق العسل من ليس له لسانفوالله لن يذوق القرآن من فقد حلاوة الإيمان في هذا الزمان .من الذي يقول ذلك ؟ القرآن حبيبي الغالي ..لأن القرآن لم ينزل لكي نقرؤه فقطوإن كانت القراءة جميلة ولها أجرها ,,

ولم ينزل لكي نسمعه فقط وإن كان السماع جميل وله أجره

ولم ينزل لكي نحفظه فقط ,،أرأيت كل هذه الأعضاء أذن تسمع الآيات , وعين تقلب النظر في الصفحات , ولسان يقرأ الآيات , ويد تقلب هذه الصفحات , وعقل يحفظ الآيات ، كل هذا حسن ,,ولكن القرآن لم ينزل لأجل أي واحد منها !إذَن لماذا نزل القرآن ؟حبيبي الغالي أحيانا الحق مُر ,  لكن الحمد لله أننا لسنا من أصحاب القبور الذين هم غائبون في هذه الأثناء , أثناء قولنا هذه الموعظة في حين أنه لا حيلة لهم , صحيح ؟

فأذكّركم ونفسي بهذا الكلام , والله أني أذكّر نفسي بهذا الكلام و أراجعه مع نفسي يوميا.نسمع الآيات ثمّ ماذا ؟

ماذا فهمنا من الكلام الذي سمعناه للتو؟

هذا الكلام يهز الجبال , والله أني اسأل نفسي وأنا خارج من الصلاة ماذا قرأ الإمام ؟حسنا ماذا استفدت ؟ هل زاد عندي شيء أم لديّ مشكلة ؟لنتفقّد الإيمان أحبتي مثلما نتفحص أرصدتنا كل يوم .نزل القرآن لأجل شيء واحد وإذا كان ليس عندنا إلى الآن يجب أن نتحرك وإذا كان عندي وعندك فنحمد الله عز وجل على هذه النعمة.لماذا نزل القرآن؟

(كِتَابٌ أَنـزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَك)أنزلناه إليك مبارك لماذا ؟

لماذا يا ربي أنزلته مبارك ؟لاحظ لام التعليل

(كِتَابٌ أَنـزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا..)ليدّبّروا ماذا؟ سورَهُ ؟ لا..أجزاءَهُ ؟ لا..(لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)والله لو تحس بطعمه , ليس فقط أن تخرج من السورة بقضية , بل من كل آية بقضايا !

(ليَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)سبحان الله ! هذا القرآن ممكن أن يغير نظرتك للمجتمع كله ,يريك الدنيا على حقيقتها ,يريك الأمور على حقيقتها .لأن هذا الكتاب حق(وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *  وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْث)سبحانك يا رب.لأجل هذا الآية التي بعدها ماذا قال ؟ هل قال"قل اسمعوه" ؟ "قل احفظوه" ؟ "قل اقرؤوه" ؟ لا...

(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ...؟)سبحان لله ماذا يحدث لهم ؟(إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّون ..) يهوي من فوق إلى تحت(يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَان ..) ذقنه تحت في الأرض

(يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُون ..؟ )سمع آيات دكت الجبال الراسيات(وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا)سبحان ربنا , ماذا؟(سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا)أيُّ وعد ؟ واحد يهوي من فوق إلى تحت وذقنه في الأرض ويقول سبحان ربي إن وعد ربي لمفعولا ,

سبحان الله , أيُّ وعد ؟وهو واقف سمع آيات فيها وعود بجنات ونهر (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر)سمع (وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)سمع قول الله عز وجل (وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا)فيقول والله إنه مفعول ..فلا يزال معه أثر الآية التي سمعها وهو واقف ,,حبيبي الغالي متى أذكر وتذكر أنّا سجدنا ولا يزال أثر الآية التي سمعناها ونحن واقفين فدعونا الله في سجودنا بالذي سمعناه ؟

أتذكُر متى ؟ماذا قال بعدها ؟ (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا)( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ) يخر الجسد فبكت العين(َ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) سجد ثم انفرط وبكى وزاد خشوعه - سبحان الله - أسال الله أن يجعلني وإياكم من الخاشعين ,,ماذا قال بعدها ؟

الله الواحد يكلم هؤلاء السُّجَّد في هذا الوضع العظيم يقول لهم ( قُلِ ادْعُواْ اللّهَ ) قل وأنت ساجد "يا الله" ( قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُوا ..) يقول لك أنت الآن في وضع مهيَّأ لو قلت  يا الله استجاب لك , ولو قلت يا رحمن استجاب لك (َ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى )سبحانك يا رب ..

فحبيبي الغالي هذا الكلام هل نحسه أم لا نحسه ؟

لأجل هذا حبيبي الغالي قال الله عز وجل (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )لاحظ حبيبي الغالي لم يقل "أفلا يقرؤون"

أعرف حبيبي الغالي وأنا أولكم أحبتي نقرأ نقرأ لكن كم مِن الذي نقرؤه دخل في القلب ؟( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ ...؟) أم ماذا ؟لا يوجد عشرين خَيار!فقط يوجد خيارين إما أن تذوق طعمه أو.. ؟

لاحظ العضو الذي اختاره الله عز وجل (أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)يقول أنت اسأل نفسك , هل وأنت تقرأ القران هل تشعر أنك لا تريد أن تتركه ؟أم أن هناك عضو مُقفل ؟

ما الذي قفلها ؟كأني بكم تقولون : هذا كلام خطير , أنا أيضا أشعر كما تشعرون هذا فعلاً كلام خطير, والله العظيم سألت نفسي سؤال قلت  هل من المعقول أن أقرأ أقرأ ولا أحس بطعم القرآن ؟!لماذا ؟

مستحيل أن يكون الكلام الذي قاله الله عن المؤمنين كذب – تعالى الله علوا كبيرا -  كيف تكون مؤمن وأنت ليس فيك هذه الصفات ؟حسنا هو الذي سيحاسبك , هو الذي قال هذه الصفات !هل من المعقول أن تخرج من هذه الدنيا وليس عندك شيء , هل ضحك عليك الشيطان  وقال يكفي أنك مسلم ؟والله أن هذه الأسئلة كلها ألقيها على نفسي ووالله أني أحب لكم ما أحب لنفسي لأجل ذلك أقول هذا الكلام .. أحبتي يجب أن نتحرك ..

تخيلوا واحد على سرير في المستشفى يقول عندي ألم فنقول له حبيبي الغالي أين الألم ؟ يقول لا أدري !

فنقول يجب أن تحدد مكان الألم لكي نعرف أين نعمل الأشعه إما في رأسك أو بطنك أ و..أو..فيقول لا أدري !

هذا بالله كيف سنعالجه ؟هذا حالنا أحبتي مع القرآن , هناك مشكله ولكن لا ندري أين هذه المشكلة !

هل تحسون بما أحس به ؟ ما الذي قفل قلوبنا ؟ والله وجدتُ إجابة هذا السؤال في القران أوضح من الشمس , يخبرك الله تعالى السبب الذي جعل هذه القلوب تُقفل, أسال الله أن تُفتح من عنده سبحانه ,  قال سبحانه ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ )

مَن منا لم يُذكَّر؟ كلنا ذكِّرنا , كلنا جاءنا قول الله وسمعناه , جميعنا سمعنا : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) صحيح ؟كلنا سمعنا :( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ) صحيح ؟كلنا سمعنا: ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا ..)في بيوتكم ؟ لا.. بل (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) ..لاحظ الآية :( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ ربِّهِ.. ) هل هذه الآية تنطبق علينا ؟دعونا نكمل الآية ونرى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ ربِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ) هل الآية تنطبق علينا ؟

هل أصبحنا نغض البصر أم لا بعد سماعنا للآية :

( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) ؟هناك أناس يغضوا , اللهم اجعلني وإياكم منهم , وهناك أناس أعرضوا عنها .هناك أناس إذا جلس في مجلس غيبة رجع واستغفر وذكّر مَن حوله , وهناك  أناس أعرض , حسنا ما هي النتيجة ؟ ( فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ ) لاحظ لم يقل نسي الحكم , هو حافظ  ولكن نسي ماذا أحبتي ؟ ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) لم يستغفر ربه بل فعل المعصية ونسي !

يمشي في السوق وينظر يمين ويسار ويتكلم بالذي يريد والصلوات يفوتها وكل شي طبيعي بالنسبة إليه  "ناسي" ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) فماذا كان الجزاء ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىُٰ...؟ )أين ؟لاحظ أن "القلب" هو العضو الذي اختاره ربي سبحانه إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ( لم يقل "أن يقرؤوه" , "أن يسمعوه" , "أن يحفظوه" ..إذن ما هو الشيء الذي سيحرمني الله منه ؟(أَن يَفْقَهُوهُ ( يقرأ و يقرأ ويعيد ويختم في رمضان ,  من المفترض أن يكون قلبَه قد وصل إلى السماء , ولكن للأسف لا يوجد أي شيء من ذلك !!!

أحبتي الفضلاء هذا الذي جعلهُ مُقفل أننا نسمع ولا نفعل,  أحبتي كلنا نُذنب ولدينا ذنوب كثيرة و لكن هل تريد أن تختبر نفسك ,اسمع حديث عبد الله بن مسعود

( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ) لأجل هذا الله تعالى قال:( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ )لا يفقه قرآن ..أحبتي .. أدبني والدي فجزاه الله عني خير الجزاء

آية فيها تسبيح تجده يقول "سبحانه وبحمده" والله يا جماعة أني أسألُه ماذا أكل لا يدري , لكن انظر إليه عندما يقرأ قرآن , سيُدهشك !كنت أتابعه يوم من الأيام فقرأ إلى أن وصل عند آيه تتكلم عن فرعون ( فَحَشَرَ فَنَادَى ) أنا قلت حينها يا تُرى ماذا سيقول عند هذه الآيه ؟ فوقف وذرف الدمع وقال يا رب أسألك العفو والعافية , يا رب لا تجعلني مثله , قلت سبحان الله مَن مِنّا يقرأ عن فرعون ويقول يا رب أسألك العافية - من الممكن أحبتي أن يزيغ الله قلوبنا , أسأل الله ألاّ يزيغ قلوبنا – كان فاهماً للقرآن , عندما أراه يقرأ وأرى تفاعله مع القرآن والله أني أحس أن كل آية تعنيه , كل آية لها معه وقفة

لاحظوا الحديث التالي  الذي يصف قراءته صلى الله عليه وسلم : ( ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ(

ما يعينك أخي الحبيب بعد الله على التدبر أن  تتّبع أوامر الله  , إذا اليوم لم تستطيع أن تصوم غدا تجاهد نفسك , على قدر الإعراض تُقفل القلوب وعلى قدر الإقبال تُفتح  القلوب, , هو مكان واحد لوصول القرآن "القلب" , قال الله عز وجل ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ..) أين ؟! (.. عَلَى قَلْبِكَ ) هذا هو المكان .( المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ )إذا فهمنا هذا الكلام  سوف نعرف كيف ستتغير حياتنا إن الله هو الذي يملك  تغيير حياتنا بهذا القرآن , القرآن سبب فهو لا يهدي ولا يغير إلا بتوفيق وهداية من الله تعالى , الله سبحانه وتعالى يقول ( يَهْدِي بِهِ اللَّهُ ) هو السبب والله الهادي من اتبع , لاحظ الكلمات "من اتبع" ليس "من قرأ"  , "من حفظ" , "من سمع" ( ..مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ) ..

( كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ) مَن المُثبِّت  ؟الله عز وجل , ما هو السبب ؟ القرآن .حبيبي الغالي أكبر قضايا اليوم التي هزت نفسيات الناس وجعلت العيادات النفسية تعج بالزبائن قضيتين اثنتين , القضية الأولى الموت , القضية الثانية الرزق, صحيح ؟!!

جاء القرآن حتى يُطمئِن قلوبَنا من ناحية هاتين القضيتين بالذات ,,المريض عندما يأتي إلى المستشفى يجري التحاليل  فنأخذ عينة ونقول هناك اشتباه سرطان , تؤخذ العينة ويجلس في البيت قلق حتى تظهر النتيجة إذا قلنا هذه قرحة بسيطة في المعدة الحمد لله تطمئن نفسه , وإذا قلنا له لديك سرطان يخيم الهم والحزن على بيت هذا المريض ويحدث اضطراب كبير في محيط أهله وأقاربه , وفي المستشفى يجلبون الطبيب النفسي ليتكلم معهم , ذاك يبكي والآخر يجزع لماذا هذا حدث معنا , والجميع حزين , والذي لديه خصومه معه يذهب ليتصالح معه ؟!!لماذا لم يخافوا عليه من القرحة وخافوا عليه من السرطان ؟

أحبتي لا أحد يخاف من السرطان لأنه سرطان , بل نخاف منه لأننا نعتقد أنه إذا وُجد سرطان يعني الموت , وإذا لم يوجد سرطان ذلك يعني لا يوجد موت والوضع جيد ,هذه قضية عقدية , القرآن جاء لينسفها , ينسف هذا الخلل , إذا كان الواحد حبيبي الغالي مكتوب عند الله أن يموت مثلا في تاريخ 16/6 الساعة 4:13 وعشرين ثانية , قبل هذا التاريخ أصيب بسرطان , هل 16/6 سيصبح 15/4 ؟؟حسنا لم يُصب بسرطان, هل 16/6 سيتغير إلى 17/8 ؟لا أحد يقول السرطان شيء حسن , لا تتمنوا لقاء العدو وإذا لقيتموه فاصبروا , لكن أحبتي هذه قضية عقدية , {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} لو كانت هذه القضية في قلوبنا لكان والله العظيم  أن من يُصاب بسرطان عندما تخبره بأنه مُصاب يقول الحمد لله ..... صحيح ؟!!إذن عندنا مشكلة عقدية .... والله القضية هذه لم تصل لقلوب أكثرنا , لأجل هذا أحبتي الفضلاء أحد السلف جاء من السفر ووقف عند أحد الباعة ليشتري لأولاده هدايا وبينما هو واقف جاء ملِك مع حُجَّابه ومعه موكب , جميع من في السوق فروا حتى البائع هرب , فجاءه أحد الحُجَّاب يرعد ويزبد وعيونه تقذف الشر وسلّ السيف وقال له مالَكَ لا تتنحى عن الطريق - هذا الرجل أول مره يدخل هذه  القرية - قال لتتنحى عن الطريق أو لأقطعنّ عنقك فكلّم الملك الحاجب قال له " أتركه لا تقتله"  فضحك الرجل فنظر إليه الملك وقال له ما يضحكك ؟!!ماذا قال ؟

قال أضحك من حاجبك هذا يريد تقديم أجلي ساعة وأنت أبيتَ تريد أن تأخر أجلي ساعة والأمر ليس لك وليس له , الأمر بيد الله الذي لا إله إلا هو ,

قال ربي ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا)

انظر إلى العقيدة التي لديه , هو يقول أجلي لا يملك أحد تقديمه أو تأخيره , إذا أذِن ربي أني أخرج من الدنيا سأخرج سواء جئتَ بعشرين حاجب  أولم تأتي بأحد .

لو أن القرآن يلامس شغاف قلبك أقسم بالله لن تخاف من أحد .في الرياض  قبل 18 سنة كان الشيخ علي الطنطاوي عليه رحمة الله في مثل هذا المكان يلقي محاضرة فلما انتهى من المحاضرة قام واحد من الشباب في الصف الأول قال يا شيخ  فقال الشيخ نعم يا بني , قال أريد أن أسألك سؤال ولكن لا أريدك أن تغضب مني يا شيخ , فقال اسأل يا بني لن أغضب, فقال الشاب سؤالي من الممكن أن يزعجك فقال الشيخ اسأل , سؤالك لن يزعجني , فقال الشاب أنا يا شيخ أصلي وأزكي وأحج وأصوم وقائم بأركان الإسلام وأقرأ القرآن و..و..و.. لكن يا شيخ جلست أتفكر وأنا أقرأ القرآن كيف أن الشخص جالس على أرائك تجري من تحته الأنهار وينظر إلى ثمار الجنة {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا }عندما ينظر إلى الثمار ويتمنى ويشتهي واحدة بعيدة  ثم يُؤتى إليه بالغصن ويقطف منه ويُرجع الغصن { وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}  يقول : إذا تذكرت ذلك والله يا شيخ لم يدخل هذا الكلام إلى عقلي !

يعني الإيمان "صفر" !

فقط إسلام , يصلي ويزكي ويحج ويصوم ، الشيخ لم يغضب - عليه رحمة الله – بإبتسامته المعهودة قال: حسنا يا بني سأجيبك ، فقال الشاب : يا شيخ لا تغضب مني ، قال الشيخ: يا بني أنا لم أغضب سأجيبك ، قال: يا ابني سأسألك سؤال ، لو هناك اثنين توائم في رحم أمهما , قال: هل هم يا ولدي يعيشون في أثاث وفرش جميل ؟ قال الشاب: لا يا شيخ ! قال الشيخ : كيف هم يعيشون هناك ؟ قال الشاب: يا شيخ مختلطين بسوائل , قال الشيخ : ممتاز, هل هم يأكلون ألذ الأطعمة و الأشربة ؟ قال الشاب: لا يا شيخ , قال الشيخ:  فكيف يأكلون؟ قال الشاب: لا يذوقون طعم الأكل, فقط  يأكلون عن طريق الحبل السري ، قال الشيخ: حسنا يا ولدي هل هم يعيشون في النور مثلنا أم في الظلام ؟ قال الشاب: لا يا شيخ في ظلمات ثلاث ! ، قال الشيخ:  يعني لو سقطت أمهم سيسقطون معها أو تعرضت حادث في السياره سيتأثرون معها ! قال الشاب: صحيح , قال الشيخ: يعني هل تريد أن تصبح حياتك مثلهم ؟ قال الشاب : لا .. لا أريد !  قال الشيخ : حسنا لو أحد جاءهم في ذاك الرحم المظلم بين السوائل وقال لهم: أنتم تعيشون في هذا الظلام و في هذه السوائل وهذا المكان الضيق , أقترح أن تخرجوا  خارج هذا الرحم لتروا كيف الناس يعيشون , كيف أن عندهم قصور وأنوار, سماء وشمس وقمر ومطاعم وملاهي وشوارع وطيارات نفّاثة لقال هذا التوأم : ما الذي يقوله هؤلاء ؟ سيقول هذا التوأم والله لم أستوعب ما يقولون , لم يدخل هذا الكلام عقلي ! لأن هذا التوأم لا يعرف إلا هذا المكان المظلم , هذا ما رأوه , لا يعرفون سوى هذا المكان  , ولو خرج أحدهما قبل الآخر بساعة لبكى الذي بقي في الرحم وقال : مسكين أخي ذهب , خسر هذا المكان الجميل الدافئ ,صحيح؟ أما الذي خرج فأنه رأى الأنوار , الممرضة تمسكه وهذه تنظفه وتلك تلبسه وأعطوه الحليب , والأب والأم سعيدين ، قال: والذي خرج يقول {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}لاحظت ؟!نحن إذا مات أحد ضاقت صدورنا , إن كان صالح فاحمد ربك ! وهذه الحياة حبيبي الغالي "الحياة المظلمة  في الرحم" كلنا مررنا بها ثم خرجنا لهذه الدنيا الواسعة وبعد ذلك  أين سنذهب ؟ سنذهب إلى قبر آخر مثل  الرحم - أسأل الله أن ينوِّر علينا قبورنا , ثم بعدها  سنذهب إلى جنة واسعة - أسأل الله أن يدخلنا وإياكم ووالدينا وذرياتنا وأزواجنا جميعاً إلى جنات النعيم –

فحبيبي الغالي هذا الذي اسمه الإيمان , الآن حبيبي الغالي إذا نظرت إلى السماء لا يوجد فوقها شيء ولكن في القرآن يوجد , يعني القضية  "قضية إيمان" ..

كذلك الموت لا يقربه مرض ولا يباعده صحة أسأل الله أن يجعلها في قلوبنا ..

القضية الثانية : قضية الرزق , جاء القرآن ليحل هذه القضية حل جذري , اليوم الناس بعد الصلاة ماذا تقول ؟ استغفر الله , استغفر الله , استغفر الله , اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام – ليس فيها "تعاليت" ! تعاليت هذه واحد ألّفها والناس سمعوها وقالوها , لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل "تعاليت" ! - تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم .. ماذا ؟ لا مانع لما أعطيت - كلام كبير! صحيح ؟ - ولا معطي لما منعت، كلام كبير! لو أتاه خبر وهو خارج من المسجد قيل له: المدير قرر أن يفصلك من عملك , سينقلب وضعه ويقول هذا سيقطع رزقي , صحيح ؟ لاحظتم ماذا قال ؟

سيقطع رزقي !حسنا أين ذهب كلامك الذي قلته للتو؟!

"اللهم لا مانع لما أعطيت" ! أين ذهب ؟أصلا لو كانت القضية في قلبه فإنه لن يهمه من الذي سيقطع رزقه ! هل رزقك عند الناس ؟الله سبحانه وتعالى يقول في هذا القرآن {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } اللهم اجعلنا من الموقنين .

{وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}  {وفي السمآء}ماذا فيها؟ {رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} يقول لك وفي السماء رزقكم أي والله الذي لا إله غيره لن يأتي لك قرار ترقية ولا قرار نقل ولا قرار قبول في وظيفة ولا قرار إلا وقد أذن به ربي من فوق سبع سماوات واضح؟أسأل الله أن يجعلها جلية واضحة ، {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } مثل ماذا؟ {مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}والله أن الذي تكلمه لكي يوظفك والله العظيم لا يملك أنه يوظفك إلا إذا أذن الله ! فلا تتعب نفسك مع البشر ,يقول الله تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا } لماذا؟ {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا } قدّم أوراقك وادرس وتخرج وامش في مناكبها,, افعل السبب لكن ماذا قال بعدها؟ {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا  وَكُلُوا مِن } رزقنا؟ الآية هكذا؟ إذاً ماهي الآية؟ {مِن رِّزْقِهِ ۖ} سبحانه يقول الرزق ليس رزق الأرض ولا رزق الذين يمشون على الأرض! الرزق رزق الله عز وجل {وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ} سبحانه منذ كنت أنا وأنت حبيبي الغالي في رحم أمهاتنا  عندما تأكل أمهاتنا شيء يتحلل هذا الأكل ويذهب في الدم ثم يتحلل إلى بوتاسيوم ,كالسيوم ,كربوهيدرات هذه ذهبت للنطفة.

عندما كان عمرك ساعة إلى أن تموت كل شيء سيدخل في جوفك مكتوب لك، طيب؟ كم تكلفته؟ الله يعلمها سبحانه ، لباسك من أول مهاد تلبسه إلى الكفن,, كل شي مكتوب صح؟ له تكلفة ,,هذه التكلفة محسوبة لك أقسم بالله لن تطلع من الدنيا حتى تستوفيها بالقرش ستأخذها ستأخذها أنت من أفقر العوائل أو من أغنى العوائل والله لن تأخذ قرش زيادة ولا تأخذ قرش أنقص واضح؟ تكلفته هذه والله العظيم لا تطلع من الدنيا إلا وقد أخذتها

لكن لا تستعجلها بحرام انتبه لا تخرج عن الدائره المشروعه وتذهب للحرام لكي تأخد رزقك لن تأخده غصب عن الله عز وجل علي بن ابي رضي الله عنه في سفر وقف في قريه ليصلي فأراد أن يربط ناقته في شجره فلم يجد رباط ..فوجد رجل قال له : تمسك ناقتي إلى أن اصلي؟!! قال له الرجال نعم أمسكها.فأمسك لجام الناقه ..

علي رضي الله عنه دخل يصلي وهو خارج أخرج درهمين قال سأعطيها الرجل جزاء أنه أمسك الناقه خرج رضي الله عنه لم يجد اللجام وجد فقط الناقه,, فالآن كيف يُمسك الناقه بدون لجام؟ ذهب يسأل في السوق فوجد عند الذي يبيع نفس لجام ناقته الذي ضاع,, فقال للبائع مِن أين لك هذا ؟ قال باعنيه رجل قبل قليل ,,قال : بكم باعك؟ قال بدرهمين قال سبحان الله أردت أن أعطيها إياه حلال فأبي إلا أن يأخذها حرام ويسأله الله عنها فوالله إن رزقك لا يذهب لأحد أنت تفعل السبب هذا المشروع لكن لا تفعل شيء فوق المشروع لا تأخد الحرام لو كانت يا جماعه قناعتنا أن رزقنا عند رب العالمين وأن ليس علينا إلا القيام بالمشروع لكنّا بخير

تجد اليوم أحدهم يكذب ويحلف بالله ليبيع غنمه لأنه ليس لدينا يقين يا جماعه أن رزقك مكتوب لك لن تأخده غصب عن الله عز وجل لكن أنت تريد تأخده حرام تدفع ثمنه مرتين!

حبيبي الغالي تأمل هذا القرآن جاء يحل القضايا هذه ,,اليوم بعض الناس يا جماعه يقول فلان لا يرحم ولا يخلي رحمة ربي تنزل نسمعها؟ مَن هو هذا الضعيف الذي يمشي على أرض الله ويستطيع منع رحمة ربي عن فلان؟ هذا ينفع لأن يكون رب والعياذ بالله تعالى ربي علوا كبيرا ,,

قال الله عز وجل ( مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا )  لو يريد الله أن يرحمك والله لا أحد يمسك الرحمه ( وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ) يا جماعه هناك أخطاء تهز نفسياتنا  نسمع أحدهم اليوم يقول له والده لاتذهب المكان الفلاني,فذهب وسافر ثم جاءه حادث ومات, ماذا سيقول!؟ سيقول أنا قلت له لو أنه لم يذهب ما مات! قال الله عز وجل (  الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا )  ماذا قال بعدها؟ قال ( قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ  ) قال النبي صلى الله عليه وسلم (اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك )

أحبتي ،، الله عز وجل إذا أحب عبداً لم يعده أن يعطيه خيرا,,أو أن يصبح ملك!إذا الله رضي عنك سيبتليك ,ماذا سيعطيك مع البلاء!  الصبر؟ ثم وعدك بالرضا.. قال ( رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)    ما معناها؟ قال الله عز وجل ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ  ) ماذا قال قبلها؟  ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم..   يعني يقسم الله ما دمت على الأرض لنبتليك  ( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ  ) ذكرلك الأشياء التي تهز القلوب ( بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ) يعني أحدهم معه مال ولكن خائف يأتيه مرض خائف على أبنائه .

في المقابل هناك واحد ليس خائف ولكن فقير ,فالله يبتليك بواحده من هذه أو كلها أو بعضها

بين هذه الإبتلاءات كلها والمآسي جاءت كلمه غريبه (وبشِّر) أين أبشرك في وسط الأوجاع!؟خمس أوجاع خمس بلاءات كل واحده أخطر من الأخرى ,, لم يقل بشّر الناس! البلاء لكل الناس لكن البشاره لمن؟ للصابرين! ما صفتهم  يا جماعه؟ { َ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ _ عندهم مصيبه,, الآن  قالوا له ولدك مصاب بالسرطان (قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ ....أصلا أنا وأولادي وخلايانا كلها لله _ {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} لوأعطيتك  أخي الغالي مليون ريال  اليوم,,و قبل أمس أعطيتك خمسين ألف وقبلها أعطيتك ثلاثه مائه ألف وقبلها اشتريت لك بيت وقبلها أعطيتك خمس سيارات وجئت اليوم أخذت من جيبك عشرة ريالات ستتضايق؟ ماذا ستقول؟ستقول خذها خيرك سابق تستاهل أكثر! إذن أنت غرقان بنعم ربي من يوم وأنت في رحم أمك وأنت في نعم من الله تتقلب في هذه النعم من أعطاك القلب؟ الله  الرئه؟  الله  الحنجره؟ الله الدم؟ الله  العين؟  الله

كلها الله, الله, الله (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)ما الآيه التي بعدها؟ { إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّه..}. هل لها علاقة بالتي قبلها؟ والله العظيم لو بحثت في القرآن من الفاتحه إلى الناس لن تجد آيه تناسب في هذا المكان مثل هذه الآيه َ { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ }  سبحانه طيب الآيه تتكلم عن  خوف جوع ونقص  أموال وأنفس وثمرات ,ثم التي بعدها ذهبت لمكه في الصفا والمروه  !  مالعلاقه؟ قصة الصفا والمروه بدأت مع هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليهما السلام كانوا في وادي فوقعت عليهم البلاءات الخمس كلها خوف في الوادي وجوع ونقص من الأموال والأنفس كانوا ثلاثه فذهب إبراهيم عليه السلام وبقوا  اثنينماذا قالت هاجر عندما تركهم إبراهيم عليه السلام؟قالت يا إبراهيم لمن تتركنا؟ فلم يلتفت إليها ,,فقالت أالله أمرك بهذا؟ قال اللهم نعم ..قالت إذاً فلن يضيعنا ,,رضيت؟ أولا ؟ماذا حدث لها عندما رضيت؟ هذا المكان كان أخوف مكان في العالم,,اليوم هذا المكان أأمن مكان في الأرض ليس للناس فقط ,,حتى الحيونات حتى الحمام. أيضا تكفل الله أن ثمرات الصيف تكون في َالشتاء بمكه وثمرات الشتاء تكون في الصيف بمكه ّ,,كانت الأرض هذه كلها جفاف ,, أرض جدباء ,,أما اليوم أغلى متر في العالم أين؟ في مكه وكلما اقتربت من مكان هذه العائله الناجحه أصبح المتر أغلى  ,, الآن هل هناك نقص أنفس في مكه؟ لن تجد موضع قدم!ما أعظم الله.. الشاهد حبيبي الغالي أنا وإياك أهم  شيء كيف  نتصرف إذا جاء أمر لا نريده؟ { مَن رضيَ فلَهُ الرِّضا ، ومَن سخطَ فلَهُ السَّخطُ.} الموت لا يقربه مرض ولاتباعده صحه,, رزقك ليس عند أحد فلا ترجو أحدا إلا الله أفعل الأسباب المشروعه ووالله لن تأخذ إلا  رزقك أسأل الله بمنه وكرمه وجوده أن كما شرفني برؤيتكم فوق هذا الفرش أن يشرفني برؤيتكم أخرى  تحت العرش أسأل الله جل جلاله الذي جمعكم في هذه الليله البارده أن يجعلكم تتنعمون في الدنيا والآخره أسأل الله سبحانه  بنور وجهه الذي أشرقت له الظلمات أسأله بعزته وجوده وكرمه الذي يعلم مافي صدوركم من أمنيات أن لايفرقكم من هذا الباب وفي صدر واحد منكم أمنية هي لله رضا ولكم فيها صلاح إلا كتب قضائها قبل أن تتحركوا من أماكنكم إن ربي على  ذلك قدير وإنه بالإجابه جدير وإن هذا كله عليه يسير اللهم يارب  أخرج له من بركات الأرض وأنزل عليه من بركات السماء اللهم قر أعيننا بصلاح نياتنا وذريتنا وأزواجنا وأهلينا ووالدينا,, آسف أحبتي على الإطاله  أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.

للاستماع للمحاضرة صوتياً :

http://abdelmohsen.com/play-698.html

إن كان من خطأ فمنّا والشيطان , وما كان من صواب فمن الله وحده



  أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ pdf   أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَاب يُتْلَى عَلَيْهِمْ word


  • السبت PM 06:13
    2016-06-04
  • 5076
Powered by: GateGold