عرض المادة

تدبرالقرآن

 

تدبر القرآن

 

بسم الله الرحمن الـرحيم

 والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

أما بعد أحبتي الفضلاء ؛ أسأل الله جل جلاله

 بمنه وكرمة أن يغفر لي وإياكم ما علمنا وما لم نعلم

من المعلوم أن أعظم الكلام وأثقل الكلام وأقوى الكلام

كلام ربي سبحانه يقول جل في علاه ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)

ركز ؛ لم يقل أفلا يقرؤون , لأننا نقرأ ولم يحدث شيء!

ولم يقل أفلا يسمعون ولا أفلا يحفظون بل قال ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ )

ثم أعطانا مكان المشكلة ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ )

القراءة باللسان والسماع باﻷذن وتقليب النظر بالعين

ليس هذا هو المعنى ولا المغزى ولا الحكمة من إنزال هذا الكتاب

إذا لم نقرأ القرآن أحبتي بقلوبنا فإلى الآن والله ما عرفنا قدر

كلامه

قال الله ربي جل جلاله ( أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ( أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ )

لم يا رب أنزلته مبارك؟

مرة أخرى يعيد عليك ذات الكلمة

 لم يقل ليقرؤوه  أو يسمعوه أو يحفظوه مع جمال الحفظ والسماع قال

 ( أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ )ثم تأتي لام التعليل ( لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )

سبحانك تريد أن نتدبر الآيات نحن؟ (ِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )

نزل هذا القرآن ثم فصل الله عز وجل القول فيه

 من بداية نزوله إلى أن استقر في عضو من أعضاء محمد عليه الصلاة والسلام

 ثم قال أن هذا الرسول الذي هو أمّي قدوة لكم فأتبعوه

 أين نزل القرآن؟ على أي عضو من أعضاء النبي عليه الصلاة والسلام

فصّل الله لك( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )

( الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ )قبل أن تُنزّل ( ٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ )

جاءتك محكمة (ْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ )جل جلاله

 ثم قصّ سبحانه قصة القرآن : ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ )

أي جبريل علية السلام على أي عضو من أعضاء محمد عليه الصلاة والسلام؟

 ( عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ )سبحانك

 والله إن لم يصل إلى قلبك لن تكون من المنذرين

وإن أنذرت لن يؤثر إنذارك في الناس

كتاب ينزل , ثم قلب يستقبل , ثم يكون هذا الإنسان يتكلم عن القرآن

هذه الثلاثية تجدها في القرآن في أكثر من موقع

لأجل هذا النبي عليه الصلاة والسلام عند بداية نزول الوحي

بدأ يتكلم ويعجل لأجل أن يحفظ قال الله عز وجل

 ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )القضية هاهنا*في القلب*

لأنه إذا صلح يصلح كل شيء

في الصحيحين إذا صلح صلح سائر الجسد ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )

حسناً السؤال الذي تبادر إلى كل أذهاننا كلمة " يتدبرون "

 لم نشعر فيها قطّ , لماذا لا نشعر بعظمة الله ؟

يقول (قل هو نبأ عظيم )كن صريحا مع نفسك

 هل ممكن تقرأ صفحة في القرآن وتغلقه ولم يصل لقلبك شيء؟

هل ممكن تقرأ خمس صفات وتغلقه وما في قلبك شيء؟

 إذا والله لدينا مشكلة كبيرة

لأجل هذا قال الله عز وجل ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ )

يكلمون بعضهم ( ٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ )

ماذا ؟( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ )

ماذا ؟ حفظا؟سماعا؟لا ( أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ )(  فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا )

بدأ التفصيل مع أنهم كلهم سمعوا لكن يعضهم تغيروا والبعض لم يتغيّر

فأنا وأنت من أي صنف ؟

كل يوم مغرب عشاء فجر نسمع كلام لو قيل عند جبل لسقط!

فإذا كان لديك مشكلة أكمل الآية ( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ )

أعترف يا رب أني أقرأ وأسمع ثم أخرج من المسجد مثلما دخلت

 فما المشكلة ؟ ( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أنتم )

من بلاغة القرآن : تُكلم في القرآن عن القرآن ثم اُتبع بقوله " أنتم "

مالنا يا ربي( أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ )

إذاً المشكلة ليست في القرآن بل فينا نحن

هذا القرآن مليء بالمعجزات عندما تحفظ خمسة آيات أنت في الحقيقة

حفظت خمسة معجزات من كلام رب البرية سبحانه

هذا الكتاب ليس كتابا عاديا قال الله عز وجل عنه ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ )

ما صفته ؟ ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ )

العزيز من البشر حينما تأتيه يفرح فيك وإذا تركته لا يبحث عنك

وهذا القرآن إذا لم تعطه كلك لن يعطك شيء

نعود للسؤال : أنحن معرضون ؟ لكننا نقرأ ونسمع ونحفظ!

قال سبحانه جل جلاله (ومن أظلم )

مشكلتنا أننا إذا سمعنا "من أظلم " في القرآن يأتي الشيطان

 بكل سهوله ويقول أنت لست منهم وتفرح ونكمل الآيات

لكن من هو حتى يزكّينا (يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم ) يقول أنت لست منهم

لكنه يكذب ( وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورً )

أجمل تعامل في القرآن أنك تأخذ الآية من كلام رب العالمين

ثم تسأل نفسك هذه من خصالي أم ؟

مثال تقرأ قد أفلح المؤمنون ثم يأتي إبليس يقول لك أنت منهم

ثم نقرأ ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )

ونحن لا نخشع في صلاتنا ونصدق إبليس ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )

 ونعتقد أننا معرضون عن اللغو ؛

ونحن في الحقيقة لم يبق شيء إلا وخضنا فيه

 هذا الكلام وهذه الصفات لم تأتي إلا لتعلمني وإياك من نحن

 قال سبحانه ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم)

يأتي إبليس يقول لسن منهم , لكن انظر ما يفعلون ؟

 (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ ) يا جماعة من منا يقوم نشيط؟

ومن منا يتكاسل ؟ الآن أذن ؛ لم يُقِم بعد ؛ الآن أقام ؛ سأذهب أتوضا

نحتاج أن نراجع أنفسنا , قال سبحانئ : ( ومن أظلم ممن ذكر ) أكبر سؤال عند الناس لماذا لا نشعر بطعم القرآن ؟

هذه الآية تجيب عنا جميعاً

هذا يفسّر وهذا يتدبر وهذا يستخرج لطائف وهذا يُحاضر عن القرآن

وأنا أقرأ الكلام لكن لا يؤثر فيّ

( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه )

كلنا ذُكّرنا , كلنا قيل لنا : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )

كلنا نعرف ( ويلٌ لكل همزةٍ لمزة )

كلنا ذكّرنا , وانظر لردة الفعل بعدها :

ذُكِّرَ بآيات ربه فَأعْرَضَ عَنْهَا وَنَسْيّ) يقول الله: يغضوا من أبصارهم

لكن أصبح يرى ما يريد , (ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأعْرَضَ عَنْهَا وَنَسيّ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهْ إنَّا جَعَلْنَا عَلَى ) ماذا ؟ أسماع ؟ لا أبصار ؟ لا

 ( عَلَى قُلُوبِهِم أكِنَّه ) مثل التوابيت أنْ يَقرَؤوه ؟ يسمعوه ؟

يحفظوه ؟ ( أنْ يَفْقَهُوه) تخيّل أن يحرمك الله أن تفهم القرآن ،

( أنْ يَفْقَهُوه وَفِي ءاذَانِهِمْ وقْرا ) حسناً ,

 قرأت قول الله عز وجل ( وإِنّ أَحَدٌ مِنْ المُشْرِكِينْ إسْتَجَارَكْ )

تخيل أن أحد الكفار أتى ليستجير فيك , ماذا تفعل ؟

 ( فَأَجِره) أدخله , لكن يا ربي هو كافر !

قال أن الله ثالث ثلاثة

( وَقَالُوا اتَّخَذ الرْحمَنُ ولَدا * لَقْد جِئْتُم شَيئاً إِدَّا تَكَاُدُ السَّمَواتِ )

 ( يتفطَّرن منه )  تنشق السماوات ( وَتنشَّقُ الأرضْ وَ تَخِّرُ الجِبَالْ هدَّا )

كل هذا الدمار في الكون لماذا ؟ ( أنْ دَعوا الرْحمَنُ وَلدا)

يقول لو تركت الكون يعبّر تحطمت الدنيا كلها

 يا رب تريد أن أُجيره وهو كافر سمعاً وطاعة

 أدخلته لبيتي ماذا بعدها يا رب ؟ ( فَآجِرْهُ حَتّى )

خطوات حتى حرف غاية حتى ماذا يا رب ؟!

 حتى يرَ الكرم العربي ؟ أو التراث العربي؟

 

  ( حتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله ) وبعدها يا رب ؟

 ( ثمَّ أبْلِغهُ مأْمَنُه ) يوم من الأيام لما قرأت الآية أغلقت المصحف

 وسألت نفسي ؛ لو أُدخل كافر إلى بيتي ثم أقرأ عليه القرآن

ثم أوصله لبيته هل سيتغيّر فيه شيء ؟

إذا كنّا نحن المسلمين نسمع كلام الله يومياً ولم يغيّر فينا شيء!

الخلل ليس في القرآن بل فينا نحن , نحن المرضى

( ولَكِنَّ أكْثرَ النَّاس ) ما بهم يا رب ؟ لم يقل نصف الناس بل كال أكثرهم

 ( لا يَعْلَمُونْ) فإذا لم نتغيّر نحن هل سيتغيّر هذا الكافر ؟

 وكأن سورة الجن في وجهي , فتحت سورة الجن في نفس الجلسة ( قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ) اسمع يا مسكين ( قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ )

 إذا كنت تستمع ولا تتغيّر فهناك كافر يسمع ويتغيّر ( أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ  )

 الفاء تعني الفورية ( فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَاناً عَجَباً )

 يقولون عجيب لم نسمع مثل هذا في حياتنا قطّ

ماذا عنّا , توقفنا وقلنا هذا القرآن عجيب ؟

عجيب والله أن يُقال لأم أرضعي طفلك وإذا خفتِ عليه

 فألقيه في التابوت ثم في اليمّ واليم سيلقيه في الساحل ,

  صغير إذا قُذف في التابوت سيموت!

ما أعظم الله : اقذفيه في التابوت يتهشم رأسهّ!

 إذا لم يتهشم اقذفيه في اليم لم يقل ضعيه يأخذه اليم بالساحل

ثم قال يأخذه عدو لي وعدو له , لم يقل حبيب لي وله

كل هذه الأربع مخاطر ثم يقول " إنّا رادّوه اليك "

" فرجعناك إلى أمك "

 الجن قالوا عجباً , كيف كل هذه الأربع أمور تحصل لهذا الجنين الصغير

 الطفل الرضيع ثم يرجعه الله , فعلاً إنه عجيب

والآخر يُقذف في النار ثم يخرج سليماً ما به ضرر

حسناً ( يَهْدِي إلَى الرُّشد فَاَمَنَّا بِه )

( وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً ،  وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا )

الذي سينسف الجبال تعالى  ( جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً )

ثم بدؤوا يخبرونك ما الذي تغيّر من سماع مرة واحدة في حياتهم

تغيرت كل حياتهم

 كافر أسلم وأصبح يدعو إلى الله,  وتغيرت حياته كلها من سماع مره في القرآن

 أريدك بعد خروجك من هذا الدرس تأخذ ورقة وتدوّن

ماذا غيّر القرآن فيك ؟

ثلاثين سنة وأنت تقرأ لكن ماذا تغير فيك ؟

 واقرأ سورة الجن وانظر إلى ردة فعلهم " ءامنا ولن نشرك "

وكبيرهم أصبح سفيههم لذلك أصبحنا ندعي لهم في كل صلاة!

أولا تقول في التحيات؛ سلامٌ علينا وعلى عباد الله الصالحين ؟

لذلك قيّم نفسك هل تغيرت ؟ أم إذا خرجت قلت لأصحابك : ماذا قال آنفا ؟

أم نتساءل أيكم زادته هذه إيمانا ؟

اسأل المولى جل جلاله أن يعلمنا وإياكم هذا القرآن

ويغفر لنا ذنوباً حالت بيننا وبين كثير من عطاء الله وبين فهم كتابه.

أحبتي الفضلاء طبّق ما تفهم يعلمك الله مالا تفهم "

طبق واعمل بما تفهم يفهّمك الله مالا تفهم

 أسأل المولى جل جلاله بنور وجهه الذي أشرقت له الظلمات

 وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن كما شرفني برؤيتكم فوق هذا الفرش

 أن يشرفني برؤيتكم أخرى تحت العرش

 وأن كما جمعني وإياكم في بيت قد صنعه البشر

 أن يجمعنا في جنة أبدعها رب البشر

وأن لا يبقي في صدوركم أمنية هي له رضا ولكم فيها صلاح

 إلا كتب قضائها قبل أن نقوم وإياكم من هذا المكان

وأن يقلب قلوبنا على ما يرضيه ويثبتها حتى نلاقيه

آسف أحبتي على الإطالة

وأصلي أسلم على أشرف خلق الله أجمعين

 محمداً صلى الله عليه وسلم وجزاكم الله خير


 



  تدبر القرآن pdf   تدبر القرآن word


  • الجمعة PM 04:29
    2016-04-29
  • 2934
Powered by: GateGold