عرض المادة

الحكمة من شهر الصيام

 

الحكمة من شهر الصيام

 

أولاً أبدأ بسم الله مستعينا , راضٍ به مدبرا معينا ,

والحمد لله الذي هدانا إلى طريق الحق واجتبانا , احمده سبحانه واشكره , ومن مساوئ عملي أستغفره , وأستعينه على نيل الرضا , واستمد لطفه فيما قضى.. وبعد : إني باليقين أشهد شهادة الإخلاص أن لا يُعبد معبود في الكون سوى الرحمن من جلّ عن عيب وعن نقصان , وأشهد أن خير خلقه محمدا من جاءنا بالبينات والهدى, روحي وأبي وأمي ونفسي له الفدا عليه الصلاة والسلام ...

أما بعد .. أسأل الله سبحانه وتعالى الذي يسر هذا اللقاء أن يتولاه كله وأن يتقبله خالصا لوجهه , ولا يجعل للبشر فيه حظا ولا نصيبا , يا رب نسألك التوفيق والهدايه ..

سؤال عظيم هذا السؤال: لو وقف كل واحد منا منذ أول رمضان صامه - بداية بلوغه , أول صيام صامه- أول سؤال من المفترض أن نسأله : ما الحكمة ؟ كالذي يدخل كلية الطب , ما الحكمة من دخولك الطب ؟ يجب أن يعرف الحكمة , المهندس نفس الشيء , الذي دخل دورة انجليزي نفس الشئ , لماذا يجب أن يعرف قبلها ؟

ﻷنه يريد أن يعرف بعد الانتهاء هل تحقق له ما صبا إلية أم لم يتحقق ؟ يعني تخيل واحد يدرس سبع سنوات طب ثم بعد السبع سنوات لا يعطونه شهادة , عندها يغضب ويسأل لماذا ؟

فأنت عندما ينتهي رمضان يجب أن تحصل على شيء ..

الذين اخترعوا الكليات وأنشأوا الدراسة والمناهج ليسوا أحكم من الله سبحانه وتعالى ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ )؟ بلى..

حسنا ,الله تعالى جعل لكل عبادة ثمرة وهناك هدف من المُفترض أن تصل له بعد هذه العبادة ,

هل هذا خاص بالصوم فقط ؟ لا..

هناك سؤال لا بد أن يوجهه كل واحد منا لنفسه ,,

كم  سنة مرت علي وأنا أعبد الله ؟

والله أنا سألت نفسي هذا السؤال وأجبتُ عليه وأنا اليوم أطرحه بين أيديكم ﻷني والله أحب لكم ما أحب لنفسي ,

كم سنة ؟

صلاة ,زكاة ,حج ,صدقة, عمرة هذه كلها لماذا نفعلها ؟ قبل أن تقول "الجنة" , هناك شيء قبل ذلك !

هناك جنة تدخل صدرك قبل أن تدخل الجنة !!

الثمرة الرئيسية التي يجب أن تدخل قلبك ,,

هذا دكتور وهذا مهندس وهذا مهندس كمبيوتر وهذا موظف وهذا عسكري.. الخ , كل واحد منهم دخل تخصصه ليحقق شيء .

كل هذه العبادات من المفترض أن تجعل في قلبي شيء

مستحيل أن الله سبحانه وتعالى يجعل هذه العبادات بدون أن يكون لها ثمره في قلبك , لو كان الأمر كذلك لكنتَ مثل الشمس والقمر "مسخرة " ؟

مسخرة ..تطلع في وقت معين في دقيقة معينة لا تعصي, الله تعالى خلق هؤلاء البشر وأعطاهم خيارين لكي يكون هناك شيء في قلوبهم نتيجة لهذه العبادات ,

ما هو هذا الشيء؟

يقول الله عز وجل( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ..)مشكلتنا عندما نقرأ هذا الكلام نذهب للآية التي بعدها والثانية والثالثة والرابعه !! لا.. لا.. هو يكلمني أنا وإياك  "أنت من الناس" والكلام هذا للناس فأنت منهم ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) اعبدوا =صلاة ,زكاة ,حج ,...

حسنا , لماذا ؟؟ (..الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) أمرتُك أن تصلي لكي تخاف , وأنت ساجد تقول سبحان ربي الأعلى ثم ترفع تقول ربي اغفر لي ,  تستغفر؟! كنت للتو ساجد وتستغفر ! هل كنتَ تعصي ؟ أم كنت ساجد ؟ عندما تسلم تستغفر! لماذا ؟ هل كنت تغتاب أو تزني  أو تفعل كبيرة ؟!

لا..

لكنها تُحدث في قلبك شيء  ..

تدخل المسجد : بسم الله ربي اغفر لي ذنوبي, وأنت خارج من المسجد ربي اغفر لي ذنوبي , متوضيء اغفر لي,  لماذا ؟

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

هل من المعقول أن كل هذه العبادات , وهذه السنين وأنت تعبد وإلى الآن لست "متقي" ؟!

لماذا لم تغير حياتي هذه العبادة ؟!

لماذا؟

مادام أن الله سبحانه و تعالى قال ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

إذا لم يتحقق لك ما بعد "لعل" فيجب أن تراجع ما قبلها !

لأن ذلك يدل على أن لديك مشكلة في الذي قبلها !

حسنا ..واحد يقول هل كل العبادات تُذكر معها التقوى؟ نقول نعم ومثال ذلك الحج , في آية الحج يذكر التقوى مرة واحدة على الأقل , افتح سورة الحج أول آية في سورة الحج ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ ) لماذا اتقوا ربكم ؟ أنا ذاهب لأحج , لماذا لم يقل يا أيها الناس حجوا لبيت ربكم !

لا ..أنا أريدك أن تذهب هناك لكي أذيقك شعوريوم المحشر! ألم تتحمل خمس أيام في الزحمة ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ ) خمسين ألف سنة !!
 إذن في الحج يجب أن تتقي حتى تكون مستعد و مُعِد لك مكان هناك ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا ) هل سبق ورأيت وفد خادم الحرمين الشريفين عند مجيئهم للحج سيارات خاصة وموسعين لهم الأماكن,  هل تقدر تفعلها وتتخذ لك مكان يوم القيامة ؟ ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا ) الذين فهموا أول آية في سورة الحج (اتَّقُواْ رَبَّكُمُ) سيأتون وفدا , عندما يخرجون من قبورهم مباشرة تتلقاهم ملائكة لا خوف عليكم , هذا يومكم أصلا , هذا يومكم , الآن بدأت سعادتكم!!

حسنا , هذه أول آية في سورة الحج , واحد يقول ممكن أن التقوى ذكرت هنا لأن السورة أصلا سورة الحج , نقول له اذهب واقرأ سورة البقرة , يقول الله عز وجل مثلا ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ... ) ماذا بعدها؟(وَتَزَوَّدُواٰ ۚ.. )؟

( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ ) لم تنتهي الآية

( وَاتَّقُونِ ) سبحان الله مرتين في آية واحدة ,,

افتح الوجه المقابل يسار تجد آية , يقول الله سبحانه وتعالى ( فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ ) لمن؟ ( لِمَنِ اتَّقَىٰ) إذا أنت فهمت الدرس واتقيت إذن ارجع !!

( ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )

ما علاقة الحج بالمحشر؟  أنا أتيتُ بك إلى هنا لكي أعلمك ..

الملك الذي عنده عشرين مليار جلس جنب واحد ما عنده ولا ريال , كلهم سواء يوم القيامة , سيقفون سواء , لكن هناك سيكون وجوه بيض و وجوه سود , هناك من سيكون تحت ظل عرش الرحمن و أناس لا ..

الآن الله سبحانه وتعالى جاء بك إلى هذه العباده لأجل أن يخرج شيء في قلبك اسمه "التقوى"

حسنا , الصلاة ؟ الصلاة يقول الله عز وجل (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) سبحانك !!


)
إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ)  هذه هي  التقوى التي نهت يوسف عليه السلام ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ )

( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ) هي الصلاة تنهاك عن الفحشاء , لأجل هذا عندما وصف الله تعالى يوسف عليه السلام وصفه بأنه من المتقين ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )

عبادة الزكاة مثلا , يقول الله سبحانه وتعالى ) وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ.. ) لمن ؟ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ )

(وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) القرآن الذي تسمعه كل يوم , وتقرؤه كل يوم  هو فضل كبير في شهر رمضان الذي أنزل فيه , هذه الصفحات التي تمر عليها تشحنك , مثلما أنت تشحن جوالك هذه الآيات تشحن قلبك بالتقوى, قال الله سبحانه وتعالى

(وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا)

حسنا, إذا لم تتقي ؟ على الأقل  ستستفيد ولو جزئيا,  من المستحيل أن يكون قلبك حاضر وتسمع هذه الآيات التي تكسر الصخر وتصدع الجبال  ثم تخرج بلا شيء !

الله عز وجل يقول (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ), جُرأتك على فعل المعصية بعد الصلاة أقل وإقبالك على الطاعة أكثر إذا استفدت من الصلاة ومن القرآن الذي سمعته ,  وإذا لم يحصل هذا فهناك مشكلة في الصلاة , القرآن لم يصل , قال الله سبحانه وتعالى ( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ) ولكن لا يحدث شيء ؟! هذه مشكلة ..

يجب أن يوجد نتيجة !

يقول الله سبحانه وتعالى (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)

حسنا , واحد يقول كل هذه الأشياء فعلتُها لم يحدث لي شيء -  المشكلة ليست  في هذه الأشياء, المشكلة في قلبك أنت , المشكلة في فهمك أنت ,

فالمشكلة أننا نموت ونحن لا ندري , هذه أسوء مشكلة , كل من  ماتوا عرفوا !!

لأجل هذا الله سبحانه وتعالى عندما يحكي لنا عن حال الأموات عند نزع الروح (ارْجِعُونِ) في هذا الموقف سنعرف !! ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)

كل المعاصي التي ورائي سأصلحها , المصائب التي في جوالي سأصلحها , والتي مخزنة في الكمبيوتر سأغيرها , فقط  ارجع لأصلح !!

لماذا قال الله عز وجل ( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) هل تعتقد أنه يكفي نصلي , نزكي ,....و..و ..فقط بجوارحنا ؟

لا .. هناك أمر , الله تعالى أعظم وأحكم من أن يشرع لك شيء لا يؤثر في قلبك "مستحيل" من المفترض أصلا أنك تعيش في جنة نتيجة لعبادتك له , الآن نتساءل: ما الحكمة من الصيام ؟ هل الصيام أيضا لأجل التقوى يقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) لم يقل "لعلكم تجوعون"   "لعلكم تعطشون"  لأجل ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام :

( فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ )

لم يقل جائع , لأن الجائع سيتكلم  والعطشان سيتكلم , لكن الصائم ؟  لا...

يريد أن يرد لكن هناك رادع , يقول له انتبه , العداد يعمل..

من بعد الفجر إلى المغرب "إيمانا واحتسابا"  كل دقيقة مرت يريد أن يتكلم – يرد على الإساءة – لكنه صامت , هذا وقت حساس عند  المسلم المتقي ,عنده العداد يعمل ,

(إلا الصوم فإنه لي وأنا  أجزي به  يدع شهوته و طعامه من أجلي)

سؤال : واحد يقول ماذا تعني التقوى ؟

الآن لو أقول : غدا الظهر  سأحضر لك معي شيك بعشرين  مليار وأعطيك كأس ماء و أقول لك اشرب وخذ الشيك , أنت الآن تبحث عن  وظيفة  أو أنك موظف لكن راتبك زهيد جدا , أقول لك اشرب فقط دقائق وخذ الشيك  , هل توافق ؟ - أقسم بالله المؤمن لن يوافق , لا يفكر أصلا في ذلك –

بل ستغضب وتطردني وتقول : هل تساومني على ديني ؟

حسنا , لو أقول لك سأعدل لك العرض  وأقول لك لا تشربها كلها , فقط شربة واحدة وخذ الشيك , والله لن تقبل,  حسنا فكر قليلا ؟

 

لا تشرب شربة , فقط  خذ  قطرة واحدة ولكن بشرط أن أراك تبتلعها  ثم خذ الشيك  واترك وظيفتك وابن لك قصور  واشتر ما تريد وتمتع إلى أن تموت , حتى بعد أن تموت سيبقى  في رصيدك لأولادك  ؟ مستحيل أن توافق ..

والله  لن تفكر أصلا مجرد التفكير ,  أنت الآن عندك قضية مستحيل تخسرها لأجل عشرين مليار ..

تقول له لماذا ؟  يقول لك هذه الفطرة , هناك من يراها , أنت لا تراها , هناك واحد في السماء لا يخفى عليه  شيء في الأرض ولا في السماء , والله إنها إن وصلت لجوفي والله لن تفيدني أنت ولا عشرين مليار , إذا وُضِعتُ تحت الأرض , إذا جاء يوم العرض , وحشر المتقون للرحمن وفدا وسيق المجرمين إلى جهنم وردا ,والناس يومئذ على وجوههم , لست أنا من يفعلها مستحيل , سبحان الله  ما هذه القوة التي تكسر الجبال , من أين جاءت ؟ ما سر هذه الإرادة  القوية العظيمة ؟

مع أن هذا الماء حلال , وأنت لا تتردد بأخذ سيجارة وهي حرام ,  تنظر إلى ما تريد , تغتاب , شيء عجيب !

 

الآن سأعرض عليك عرض أخير : اشرب قطرة وخذ الشيك ثم تُب , كسبت الشيك و أنت قد تُبت .. لن تقبل,

ستقول ما الذي يضمن لي  أن هذه القطرة تنزل وروحي لا زالت في جسدي, وقلبي مازال ينبض ,

الكثير وقف نبضهم في لحظة من اللحظات فلم يرجع ؟  فقير ومديون ويقترض , ليس هناك مشكله المهم سلامة ديني , هذه اسمها "لعلهم يتقون" ..

أخبر الله تعالى أنك عندك طاقة عظيمة  جدا تكسر الجبال و أنك لا تساوم على دينك , أرأيت هذه اللحظه ؟ هناك أناس يعيشون بهذه الطريقة طوال حياتهم , محافظ على الصلاة في شوال , في رمضان , طوال حياته ,    إذا أراد أن يغتاب فإنه لا يغتاب , عشرين سنة على الأرض لم يغتاب , ولو اغتاب مباشرة يُصلح , تعطيه رشوه يقول لك : أنا والله أريد ولكن سيكلفني ذلك الكثير, سأسقط من موازين رب العالمين , لا..لا ..

لن أقبل مستحيل , تريده يغتاب , يغازل , مستحيل, لماذا ؟ هذه اسمها ( لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )

الله سبحانه وتعالى أتى بها في حلال وعلمك أن تقدر تقول "أخاف الله في حلال" فكيف بالحرام ؟!

علمك " إذا تذكرتني  وتذكرت ماذا سأعطيك من جزاء  ستقدر"

الآن أنت صائم ومعك زوجتك  يقول الله سبحانه وتعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلم الله ..)

سبحانه !

لم يكن هذا حلال في البدايه , لم يكن هذا الحكم (  عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ) خيانة ؟! زوجتك ؟؟

( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )  متى ؟ الآن أحل في الليل بفضل الله , في البداية لم يكن حلال لا في الليل ولا في النهار , وقال تعالى(وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَاِ ۚ )

لم تنتهي الآية (كَذَٰلِكَ) هذه يجب أن تدخل القلب تشقه شق (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ) أنا من الناس ,الكلام لي (لَعَلَّهُمْ) ماذا ( يَتَّقُونَ) كل جزئية لكي تُخرج في قلبك شيء , إذا فعلتها كلها ولم تجد في قلبك شيء فهذه مشكلة  والله مشكلة , يجب أن تراجع نفسك , مثل واحد دخل يتعلم اللغة الإنجليزية وخرج وما عنده ولا كلمة , ماذا كنت تفعل طوال الوقت ؟

لدي سؤال حبيبي الغالي, سؤال كبير وعظيم , ماذا يعني إيمانا واحتسابا ؟؟

سبحانه الله المؤمن عنده عيون غير العيون التي في رأسه ! أين هذه العيون ؟ العيون هذه في قلبه , مثلا أنا و إياك الآن ننظر لبعضنا وللمصور والشاشة , المؤمن يجلس في مثل هذا المجلس ,مجلس ذكر , فله عيون في رأسه ترى الناس وهناك عيون في قلبه ترى الملائكة حافين إلى السماء فهو مستمتع..

يرى أشياء ..ذروه لا تلوموه ذروه فقد علم الذي لم تعلموه ..

تجده جالس في المسجد ومسرور, منتهي من العبادة للتو ومسرور , يعمل الصالحات ومسرور, الله جل في علاه يذكر اسمه للملائكة "ويذكرهم الله فيمن عنده " , الآن هذا مجلس ذكر , الشيخ بن باز عليه رحمة الله  يقول : هذا مجلس ذكر تحفه الملائكة , فهناك عيون تجعل الواحد منا مستمتع ,هذا المؤمن عينه ترى عداد احتساب كأنه يحسب  "مرَت الثانية الأولى , الثانية , الثالثة , أربع .. خمس ثواني ..

وكلما مرت وهو يذكر الله مثلا يفرح "احتسابا" ..

مرت دقيقة , دقيقتين ,.. مرت وأنا في رمضان صيامي محسوب لم أفعل حرام , ولم أقُل حرام , ولم أنظر إلى حرام , مسرور "احتسابا" لأجل ذلك للصائم فرحتان:  الفرحة الأولى عند فطره , جاء يفطر ففكّر! اليوم كله لم أنظر إلى حرام ! الله أكبر "احتسابا" , لم أقُل حرام اليوم كله , مر أحد قال لي ما يؤذيني وأنا قادر أن أرد عليه  ولكن لدي عيون ترى عداد الحسنات يمشي , عيون تراه ! فلم أرد عليه .

لأجل ذلك الله سبحانه وتعالى قال {  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ ..} لدينا عيون ولكن ماذا فعلت في قلوبنا !

{ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}

تخيل واحد يقول : مرت علي سبع أيام إلى الآن لم أنظر إلى حرام , إلى الآن لم تفوتني صلاة , تكبيرة الإحرام في المسجد - وأنا لست مسافر ولا مريض -  يعني ليس لدي عذر يعني لم تفوتني صلاة , هل يحق لهذا أن يفرح ؟ يحق له أن يطير من الفرح , السبع أيام التي مرت علينا كم فاتتنا من صلاة ؟ كم فاتنا من أجور؟ كم مر علي مجلس من مجالسي لم أقُل ربي اغفر لي وتب علي سبعين مرة ؟ كم مجلس جلسناه إما أختنا جالسة في مشغل أو أخونا جالس عند الحلاق أو في سيارته ذاهب إلى الدوام أو في بيته أو مدعو في عزيمة "مجلس أربع ساعات أحيانا" !! لو بينك وبين نفسك حاولت- وهذا تحدي بيني وبين كل من يسمعني الآن واسأل الله أن يوفق من قال ومن يسمع - حاولت ألاّ تقوم من أي مجلس تجلس فيه إلا وقد قلت : ربي اغفر لي وتب علي, أقل شيء سبعين ! النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يعدون له سبعين إلى مئة !

بينك وبين نفسك إذا جلست في مجلس قلها فهذه تُفرحك  ..

أي والله يا جماعة , أقسم بالله أن هناك جنة يجب أن يدخلها الإنسان قبل أن يدخل  الجنة في الآخرة !

مثلما قال ابن تيمية رحمه الله : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .

حسنا , ما هذه الجنة ؟

يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (من سرّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن )  يا أخي افعل حسنة وأخلص فيها ستفرح " لأن الله تعالى وفقك لفعلها ,دخلت في ميزانك , سوف ترى خيرا لأنك فعلت خيرا"  فلماذا لا تفرح ؟!

الآن لو تأتيك رسالة  "تم إضافة مئة ألف لحسابك" عندما تقرأها سوف تشعر بفرحة داخلك ,,

الآن أضيفت ؟ من أرسلها ؟!

الله سبحانه وتعالى يقول : قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ..) , فليفرحوا مقارنة بـماذا ؟ (هُوَ خَيْرٌ) من ماذا ؟ (مِمَّا يَجْمَعُونَ)

لو أحدهم ربح صفقة وكسب فيها مثلا عشرين مليار واشترى له فنادق في لندن وفي أماكن عده واشترى كل ما يريد , اجمع فرحته وفرحة كل الذين أخذوا مناصب  و..و.. إن هذا الذي دخل في حسابه والله لهو خير مما جمع هؤلاء كلهم !

(هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)

 

فأسأل الله عز وجل أن يجعلنا أنا وإياكم ممن لهم عيون في قلوبهم يا رب العالمين .

.

هناك مشكله تواجهنا أننا لا نشعر أن لدينا قضيه حقيقية -الله المستعان –  مثلا عندما تدخل المسجد وتقول "ربي اغفر لي" هل تحس حقا أنك محتاج أن الله تعالى يغفر لك ؟ عندما يكون معك قضيه كالمطالبة بقضاء دينك  أو كان عليك حكم بالسجن عشر سنوات أو بالإعدام ,هل مطالبتك بتخليصك من هذه القضيه وتكليفك لمحامي  وتفكيرك ودعاؤك الله تعالى عند باب المحكمة ومحاولتك الوصول للقاضي , هل شعورك وأنت معك هذه القضيه نفس شعورك بقضية أنك بحاجة أن الله تعالى يغفر لك وأنت تقول "ربي اغفر لي" ؟!!

فالآن ماذا يعني "ربي اغفر لي" ؟ يغفر له ما تقدم من ذنبه ؟ هناك صفقه خطيره كون أن الله تعالى يغفر لك , لأنك والله سوف ترى هذا الذنب إن لم يُغفر لك , ستعيش فوق الأرض و تحت الأرض و يوم العرض, هذا كله اسمه "مستقبل" , الله عز وجل علمنا في القران أن أي ذنب حصل منك قبل ثانيه دخل هذا في الماضي أي ذنب دخل هنا والله الذي لا إله غيره أنه سيأتي أمامك , متى ؟ ليس من شأنك , لكن والله مادام أنه لم يطهر " لم يُغفر" والله الذي لا إله غيره أنك ستجده في نفسك ,في صحتك ,في نفسيتك ,في غمك ,في همك, في علاقاتك, في مالك ,في رزقك ؟؟! ليس من شأنك ولكنك ستجده ,,

حسنا , إذا  كان الله تعالى يحبك ستجده فوق الأرض لأنها أهون مهما كان مرض, تعب , أو.. أو.. , لكنه أهون من أن يأتيك وأنت وحدك تحت الأرض ,هنا تكون قد تخلصت منه لأنه ما زال حولك أناس ,وتقدر تستغفر,  أي تتدارك فتستغفر وتتوب ,

لكن إذا جاءك تحت الأرض حينها ليس لديك حيله , فكون الله عز وجل يغفر لك هذه من أعظم النعم ,,

الله سبحانه وتعالى يقول (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَره) والله سوف تراه , لأجل هذا المؤمن يفرح عندما يفعل حسنه , لأنها الآن أصبحت أمامي , ممكن أن أراها الآن بشاره تأتيني في الجوال أو بعد قليل أو عندما أدخل القبر مباشرة !

يأتيك رجل في القبر كما قال النبي عليه الصلاة السلام فتسأله  من أنت؟ وجهك الذي يأتي بالخير , فيقول أنا عملك الصالح  ...

ذرات  كثيره أنت صنعتها فجاءتك على هذه الهيئة الحسنة , تُنسف الذنوب كلها ولم تراها أمامك !

وبالمقابل العمل الخبيث يأتي على شكل رجل قبيح الوجه ,قبيح الثياب , منتن الريح..

اسأل الله تعالى أن ينجينا من عذاب الدنيا والآخرة ..

قضيه كبرى! جعلك الله تحتسب صيامك , قيامك ,  ليلة القدر (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) تنظيف, لن تراها , كل السيئات التي كانت قد تجمعت عليك تذهب ,,

قال تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) أحدهم يقول هذه فقط للمجرمين , لا والله ..

يقول الله سبحانه وتعالى (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ )  هذا كلام للمسلمين (وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ) خطاب للمسلمين وخطاب لأهل الكتاب , يعني أنت تريد أن تدخل الفردوس الأعلى, هذه أمنيه , الله تعالى يقول (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ )  أريد عندما يأتي رمضان يُغفر لي ما تقدم من ذنبي , ولا أرى أمامي من السيئات التي عملتُها ,

كلمة "أريد" هذه هي أماني " أتمنى " (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ) حسنا , ما الذي يحدث يا ربي يا عظيم المنّ سبحانك , ما الذي سيحصل؟!

أخبرتَنَا في كتابك جل جلالك , قال تعالى (مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) أتعرف الآية ماذا فعلَت في أبو بكر,هذه الآية هي كما نقرؤها الآن , أتعرف ماذا فعلَت في أبي بكر ؟ خرج من بيته وذهب للنبي عليه الصلاة والسلام وقلبه يرجف , قال يا رسول الله : الله عز وجل يقول (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) قال أبو بكر : يا رسول الله الآية ما دام أن الله هو الذي قالها ستحدث ستحدث في الواقع شعرنا بها أم لم نشعر , قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله كل سوء ؟ يعني كل شي , أي ذنب فعلتُه ؟ النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل: لا يا أبو بكر أنت مُستثنى , لا لم يقلها بل قال : يا أبا بكر أوَلست تغتم ؟ يعني بعض الأيام تكون مهموم تحس بضيق وضنك ولكن تبحث عن سبب ولا تجده ! أوَلست تغتم ؟ قال أبو بكر : والله يا رسول الله أجده , قال النبي عليه الصلاة والسلام: ذلك بعض سيئات ما كسبت)

ألم يعدنا النبي عليه الصلاة والسلام قال :( ما جلس قوم يذكرون الله عز وجل إلا ناداهم منادٍ من السماء قوموا مغفورا لكم فقد بُدلت سيئاتكم حسنات)

يجب أن نشعر بهذه الصفقات , إذا لم نشعر بها لن يعطينا إياها رب العالمين , نحن نحتاج للمغفرة ..

قال الله سبحانه وتعالى(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ)

النبي عليه الصلاة والسلام قال:( من وافق قوله آمين قول الملائكة آمين غفر له ما تقدم من ذنبه ) يا رب يا رب اجعلنا نواطئ قول الملائكة "آمين" .

هذه صفقة ,,

(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا(

الله عز وجل يقول (ظهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) براكين ، مصائب ، تسمم أسماك , نفط وزيت يتسرب فنأكل سموم ،  وقتل , مشاكل في الدنيا ,

كل هذا يا رب سبحانك  ما سببه ؟ (ظهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)

لماذا ؟ (لِيُذيقَهُم..)  نحن نعصي ونظن أن المسألة انتهت !

لا ..كل هذه المشاكل في الأرض نحن سببها) ..بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا..)

لاحظ ماذا قال سبحانه "بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا" ؟!

لماذا ؟


(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
)

تخيل في رمضان يُغفر لك كل الذي فات  والله سيصلح حال الدنيا ,,

هنا نتساءل لماذا لم تُذكر السماء ؟! دائما نجد في الآيات يأتي ذكر السماء والأرض معا ,لماذا في هذه الآيه لم تُذكر السماء ؟

لأن الذين في السماء لا يعصون , لذلك ليس لديهم مشاكل , لا يوجد مستشفيات هناك !

ليس هناك ما يوجب إذاقتهم جزاء ماعملوا

(لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)

ولكن نحن عندنا !! ..

أحبتي والله إنها صفقه عندما يقول النبي عليه الصلاة والسلام "غُفر له ما تقدم" .

يجب أن نستشعر " ربي اغفر لي" عندما نقولها سواء في السجود أو غيره ..

هل تستطيع أن تقول سبحان الله وبحمده مئة مره ؟ هل هي سهله ؟

هي سهله ولكن أتحداك تقولها !

لا يستطيع أحد قولها إلا أن يعينه الله سبحانه وتعالى !

لذلك قال تعالى ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) هل تستطيع ؟ ماذا قال بعدها ؟ (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

لا تحتاج إلى عضلات ولا رياضه ولا تدريب ولا جهد ولا أن تقوم من فراشك ولكن تحتاج إلى عون من رب العالمين !

وأنت جالس تقول سبحان الله وبحمده مئة مره تُغفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر!

صفقات !!

لماذا هذا التنظيف ؟ لكي لا تراها أمامك

فتصبح حياتك أحسن ..

استشعار أهمية مثل هذه النتائج "مغفرة الذنوب" تدعو الإنسان إلى العمل , أصلاً تجعل عملك له طعم ,

مثلا قطعة منديل صغيره ملقاه في المسجد والناس خارجين من المسجد , هناك أناس عيونهم رأتها فأزالتها

..

"صفقه"

افعل خير تمحو ذنب لعلك أن ترى آثارها ,ممكن تراها بعد أن تخرج من المسجد , ممكن بعد دقيقة تفتح الجوال تجد بشرى , ممكن أن تراها في الآخرة , لأن الله تعالى قال( يَرَهُ)

حسنا , هذا منديل !

هل لأني فقط أبعدته من الطريق يأتيني خبر سار ويتسبب في كل هذا الفرح ؟!

نعم .. لأنك أبعدته لأجل من ؟

لأجل الله تعالى .. قال الله سبحانه وتعالى ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَة ) ماذا؟ ( يُضَاعِفهَا ) ابعادي لهذا المنديل؟

نعم ستجده ثقيل في ميزانك , كنتَ تستطيع أن تمر دون أن تُبعد هذا المنديل ولكن ستخسر صفقة ,,

أرأيت لو قبلها الله عز وجل منك ؟ يقول تعالى ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)

لو تأملنا في قوله "وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ" والله تكفينا !!

يا أخي لو يأتي ملك المملكة العربية السعودية , يدخل الآن المسجد ويقول من معه سيارة وعنده بيت ملك يعطينا السيارة ويعطينا المنزل ويكتب اسمه ورقم جواله وعنوان بيته ويبشر بالخير , ماذا سيفعل جماعة المسجد ؟ كلهم سيسجلوا أسماءهم ! ومن ليس لديه شيء سيحزن ويتمنى لو كان معه حتى يعطيه لأنه يعلم أنه سيحدث شيء آخر , حسنا أنت الآن تُسلم مفتاح سيارتك وعقد بيتك وذهبت إلى البيت مسرور بالرغم من  أنك لا تدري حتى ماذا سيعطيك !

وستقول : لقد وعد وقال أبشر بالخير,,

ولله المثل الأعلى..

يقول سبحانه وتعالى (مِنْ لَدُنْهُ )  في هذا المثال نجد أن الناس لديهم إرادة سريعة عجيبة فسياراتهم وبيوتهم غاليه, أصلا الواحد منا يكون عليه أقساط بيت أو سيارة لمدة عشرين سنه , ما هذا الإيمان العجيب بهذه الصفقة ؟!

سيقول أحدهم  هذه صفقة مربحة لأنه كريم فمهما أعطاني فلن يؤثر ذلك على ملكه , سيعطيني أكثر وأحسن مما أخذ مني, وأعلم أنه صادق وسيعطيني وقادر على ذلك !

لو سألت أحدهم وهو عائد إلى بيته بتاكسي وهو مسرور بهذا الحال لو سألته ما هذه الفرحة مع أنك قد أعطيت كل ما تملك ؟ سيقول سيأتيني خيرا منه !

إيمان بالغيب عجيب !!

حسنا ,لو عاد هذا إلى بيته فتح المصحف سيجد أن ثقته هذه كانت خطأ !

اطمئنان قلبه كان خطأ !

الله تعالى أخبرنا في القرآن أننا إذا أردنا أن نثق بأحد هذه الثقة العمياء لا بد أن يكون فيه صفة , ما هذه الصفة ؟

قال الله سبحانه وتعالى ( وتوكَّلْ عَلَى الْحَيّ .. ) حسنا , الذي أعطيتُه سيارتي ومنزلي حي , ماذا قال بعدها ؟

( الَّذِي لَا يَمُوت ) سبحانه !

هنا يسقط كل أحد ولا يبقى إلا الله عز وجل ,

هل هذا الذي أعطيته سيارتك وبيتك ووعدك بالعوض هل وعدك أن قلبه لن يقف حتى يعطيك ما وعدك به ؟!

أو تموت أنت ويعطيه ورثتك , لذلك علينا أن نثق بمن يقدر أن يعطينا سواء كنا فوق الأرض أو تحت الأرض أو يوم العرض , فهذا اسمه  الإيمان ,هذا إيمان بالغيب ,

الله تعالى عنده صفات لا يحيط بها الإنسان..

 

أحدهم يسأل: كيف أحقق التقوى ؟

أحبتي هذا  سؤال مهم جدا أول شيء أنت تعرف أن العبادة هذه كلها لابد أن تحقق في قلبك شيء ,حسنا ما هذا الشيء ؟ هل أنت تقول الذي تريد في الوقت الذي تريد بالطريقة التي تريد ؟ إذا كانت الإجابه "نعم" فأنت لست متقي, حسنا كيف أصبح متقي؟  كلما عزمت على قول كلمه راقب نفسك حبيبي واسأل نفسك هل هي ترضي الله , هل تقربك أنت من الفوز؟ ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ) هل  تقربك لرضا رب العالمين أم تبعدك عنه ؟

أنت تعرف الحلال والحرام هذا يقربك والآخر يبعدك , فهذه المراقبه , لأجل هذا الله سبحانه وتعالى قال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ  ) ماذا قال بعدها ؟ كيف أحقق التقوى (  وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ  ) انظر ماذا في جوالك , عينيك ماذا تشاهد ؟ لسانك بماذا ينطق ؟ ماذا عن وقتك ؟

( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ...) ماذا بعدها ؟

( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) كيف أتقي الله ؟

 

إن اتقيت الله ستصبح في مشروع , أنجح مشروع في حياتك ,  ستصبح تخاف وتراقب نفسك , إن زللت تحاسب نفسك وتتقي الله بعدها, هذه المتابعه ..

أنت حبيبي عندما تمشي على أرض وسخه فإنك ترفع ثوبك لا تضع رجلك إلا في مكان نظيف , هذه هي التقوى!

افعل ذلك مع كلامك , مع عينيك ,ادع الله عز وجل  كل يوم أن يرزقك التقوى ,

 

 

(وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)

أحدهم يقول: المحسنين مثلا ألا يخطئون ؟ الله عز وجل عندما تكلم عن المتقين قال { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}

الله تعالى قال في سياق المتقين {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ ..) حساس في هذه المسألة لو تأخر يقلق (.. فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَه)

أحدهم يسأل يقول أنا والحمد لله أقوم الليل ولكن بقليل من التدبر؟؟

كيف أتدبر؟

أقول طبعا هذا السؤال كبير , أولا هنيئا لك وأسأل الله أن يزيدك ويثبك  ويرزقنا كما رزقك وأعظم يا رب, الآن الوقت الذي أمضيته في الصلاة محسوب لك, كل     ذره تمر احتسابا ترفع قدرك , لا تحرص على قضية كثرة الآيات,

 

ليس المهم أنك تختم  لأن القرآن نزل لنتدبّر آيته ليس لنختم آياته .

الآن نختم بدعاء ونحن في الثلث الأخير من الليل,

الله عز وجل يقول "من يستغفرني فأغفر له "

..اللهم إنا نسألك بأنا نشهد  أنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُوا أحدا اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى, نسألك يا الله يا ولي يا حميد يا من بيده الدنيا والآخرة , اللهم يا رب إنك عفو تحب العفو فأعف عنا , اللهم يا من بيده ملكوت كل شي اللهم أعتق رقابنا ورقاب والدينا ووالديهم وأهلنا وأحبابنا والمسلمين من النار يا رب العالمين, اللهم إنا نعلم أن هذا الشهر شهر رحمه , ونعلم أنك أرحم الراحمين اللهم ارحمنا رحمة من عندك تشفي بها مرضانا وتغفر بها ذنوبنا وتفرج بها همومنا , اللهم يا من قلت وقولك الحق

{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ  وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} يا من ترفع من تشاء وتذل من تشاء وتعز من تشاء, اللهم يا رب أقصم كل ظالم على أرضك في هذه  الليله, اللهم لا تصبحه على خير, اللهم نجِّ المستضعفين من المسلمين في كل مكان,  اللهم كن لهم ناصرا ومؤيدا ومعينا, اللهم نريد نصرة منك تغنيهم بها عن  نصرة من سواك , اللهم يا رب لا تجعلنا نقوم من مجلسنا هذا وعند أحدنا ذنب إلا غفرته و لا هم إلا فرجته ولا دين إلا قضيته ولا حاجه من جوائج الدنيا والآخره هي لك رضى ولنا فيها صلاح إلا كتبت قضاءها يا أرحم الراحمين , اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا, سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .


 

للاستماع للمحاضرة صوتياً :

http://abdelmohsen.com/play-2470.html

إن كان من خطأ فمنّا والشيطان , وما كان من صواب فمن الله وحده

  



  الحكمة من شهر الصيام pdf   الحكمة من شهر الصيام word


  • الاثنين AM 08:48
    2016-03-07
  • 4413
Powered by: GateGold