القائمة الرئيسية
احصائية الزوار
الزوار
عرض المادة
فخ التعاسة
فخ التعاسة
ابدأ باسم الله مستعينًا راضيًا به مدبرًا معينًا،
والحمدلله الذي هدانا إلى طريق الحقِ واجتبانا نحمدُه سبحانَه ونشكره،
ومن مساوِئ عملي أستغفرُه،وأستعينُه على نيلِ الرضا، وأستمدُ لطفَه فيما قضى،
وبعدُ،إني باليقين أشهد شهادة الإخلاص،ألا يُعبد في الكون معبودٌ سوى الرحمنِ من جل عن عيبٍ وعن نقصانِ،
وأن خير خلقَه محمدًا من جاءنا بالبيّنات والهدى بروحي وأبي وأمي ونفسي،عليه أفضل الصلاة والسلام.
من أعظم الأسئلة التي وُجّهت إليّ في حياتي سؤال:من الفقير؟
سؤال صريح لأن الله سبحانه وتعالى أنزل لنا هذا القرآن حتى نعرف من الفقير، حتى نستطيع الجواب على هذا السؤال.
وهذا السؤال لا يُجاوب عليه محللين اجتماعيين ولا خبراء نفسيين، كُل هذا كلامُ بشرٍ علمهم قاصِر،
ولكن خُذ الكلام من ربّ العالمين وقد قال كلمةً عظيمة، قال سبحانه جل جلاله:
( وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير)انظر لما بعدها، هذه مقدمة قبل الجواب على سؤالك..
( وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير ۞ يَا أَيُّهَا النَّاسُ )الناس هؤلاء من فيهم؟ فيهم ملوك؟ نعم. فيهم وزراء المالية؟ نعم.
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ )أنتم ماذا؟( أنتُمُ الْفُقَرَاء)لمن؟
قبل قليل أخي الغالي يقول في التقرير:"الناس محتاجين للناس" ،والله يقول:( أنتُمُ الْفُقَرَاء ُ إِلَى اللَّهِ )ثم قال بعدها كي يُعرفُك من هذا الذي أنت تحتاج إليه
( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد۞ إن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ )
ويصرف عليهم ويطعمهم ويُجري الدماء في عروقهم ويُجري عليهم أنفاسهم ويطعمهم
لماذا قال الله أنتم الفقراء؟
كي يعرف كل فرد قدرَه ويعرف من هو الله
فقال:( أنتُمُ الْفُقَرَاء ُ ) "تحت" ( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ )"فوق"( الْحَمِيد)الذي لا يحتاج لأحد،
كل غنيتحتاجه يحتاج لواحد فوقه، وزير مالية يقولك أبشر لكن لابد أرجع لمجلس الوزراء، لابد أرجع للملك.
كل ملك يخاف من ناس هم أيضًا يخافون من غيره .. إلا الله جل جلاله لا يخاف عقباها ولا يحتاج لأحد،
قال الله سبحانه وتعالى في الفرقان وفي الاسراء:(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّه)
أنا أسأل نفسِي وأسأل كل من يشاهدني الآن وأسألك حبيبي الغالي، الكلام الذي سيأتي بعد(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّه)ابحث في حياتك كلها التي مضت هل شكرت الله على هذه النعمة؟ أعظم نعمة في الدنيا، طبعاً أعرف أن من الناس من سيسمع على ماذا يحمد الله وسيقول أهذه نعمة!
مشكلتنا مع هذا القرآن، لذلك الله سبحانه وتعالى يقول:( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيم)"ولكن يا رب ما شعرنا بعظمته!" أكمل الآية كي تعرف السبب؛ قال:( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيم أَنتُم عَنهُ مُعرِضُون) نحن اعرضنا عنه لذلك ما أحسسنا بطعمه،
وهذا الكتاب عزيز،عندما تُعطيه نصفك لا يُعطيك شيء،إن لم تجيء كلك له والله لن تذوق طعمه، واذا أذقت طعمه أقسم بالله سوف تستغني عن كتابات الناس كلها،لأن الله يقول:( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا)سبحان الله
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ)موعظة غريبة
(وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُور)يجلي كل همومك، فقر، حاجة، دَين، والله لن يجعل دمعة تنزل على أحد إلا لوجه الله فقط ،
إذًامن هم الفقراء؟
هم الناس؛قال:(يا أَيُّهَا النَّاسُ)كلهم، ملوكهم وأغنياءهم، كل واحد يدخل تحت مسمى الناس هو فقير إلى الله عز وجل .
لذلك إن لم تفهم القرآن سترى من خلف القضبان هو الفقير المسكين، ومن يملك سيارات وعندَه قصور ليس بمسكين،
الله يعدّل لك هذه القضية، لذلك الله سبحانه وتعالى لما قال:(وَ قُلِ الحَمدُلله الذِي)لم يقل الذي أطعمنا ورزقنا وسقانا وأوانا، لا، بل اعطاك أعظم نعمة في الأرض هذه النعمة يحتاجها كل واحد،لكن السؤال هل سجدت لله وقلت الحمدلله ثم قلت بعدها الذي سأقوله في الآيه، واسألوا أنفسكم أحبتي الفضلاء،
قال الله:(وَقُلِ الحَمْدُ لله الذِي)ثلاثة أشياء..
(الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِير)إن فهمت هذا الكلام ستقول الله أكبر،
مامعنى هذا الكلام؟(وَقُلِ الحَمْدُلله) يقول الله أنت احمد الله،قُل يارب لك الحمد أن ليس لك ولد، ولا لك شريك تستشيره إن أردت أن تعطيني، ولا لك وليّ من الذل،أن تقول لي وددت مساعدتك لكن هناك أشياء ليست بصلاحياتي،
هذه الثلاثة أشياء من صفة الله، انه لا يؤثر عليه أحد من تحت،تجد بعض الناس يقول أنا أريد أن اساعدك ولكن يؤثرون عليه من حوله، يوَد أن يُنفق عليك ولكن يقولون له أبناءه سوف نموت وأمّن مستقبلنا!، الله وله المثل الأعلى ليس عنده أحد يؤثر عليه من تحت، ولا عنده شريك في الملك يساويه جل جلاله،
بعض الناس يقول أريد أن أساعدك ولكن أنا معي شركاء لابد أن أستشيرهم،
الله يقول:(وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ) إنأراد أن يُعطيك لايستشير أحد،
فيقول الله أنتقل الحمدلله، فالذي تطلبه انت الله ليس عنده ولد مُحتاج يؤثر عليه من تحت، ولا عنده شريك يستشيره، ولا عنده أحد يستأذن منه كي يعطيك، وكبره تكبيرًا، انظر حبيبي الغالي وأنا أقولها لك ولكل من يسمعني الآن، والله لا تملك إلا خيارين في هذه الدنيا، إما أن هذا القلب لا يفتقر إلا لواحد فتعيش غني فوق الأرض، تحت الارض،ويوم العرض. وإلا والله ستضيع بين فقراءهُم أفقر منك.
تجد رجل أجنبي من العمال يشتغل في –الزبائل- وليست هذه إهانة له، يشتغل أحسن من الذي يرابي لأنه يشتغل بكدّ يده، تجد الأول عنده صحه أفضل من الذي عنده ملايين! ، ذاك يأخذ أُبر وعنده حبوب وهذا جالس، فالله أعطاه شي وأخذ شيء.
****************
الآن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر لنا أنك أنت من يختار إما أن تفتقر لواحد وتكون غنيّ في جميع أحوالك، وإما أن تختار أن تفتقر للنّاس، ووالله العظيم ستعيش فقيرًا وتموت فقيرًا لو إمتلكت مليارات الدنيا كلها، يقول الله سبحانه وتعالى:(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) انظر لهذا المثل وإذا ضرب الله مثلًا ولم تفهمه فابكي وادعو الله، وقل "ياربي أنا خسرت خسارة عظيمة"؛ لأن الله يقول:( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)لا يُشترطأن يكون عالمًا في الشريعة لا، إنما عالمًا أي أن يفهم المعنى، وماذا يريد الله من هذا المثل، لو ضرب لك حكيم من حكماء الارض مثل ستقول:"يالله يا لجمال هذا المثل"؛ لأنك فهمت هذا المثل فشعرت بروعته بالرغم من أنه مثلًا من شخصٍ قاصر العلم وعقله قليل فقد وصف الله علمه وعلم أهل الارض جميعًا بـ(وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)فكيف إذا ضُرب هذا المثل ممن علمك وعلم جميع البشر!
فالله سبحانه وتعالى يقول:(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ) وسوف نشرح معنى هذه الآيه، مشكلتنا أننا نقرأ ولا نفهم ولا يُكلف أحدٌ نفسه بأن يفهم معنى هذه الكلمات وما تفسير هذه الايات،
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ) المثل لرجُلان، وانظر إلى سؤال الله العظيم، العظيم،( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا)يسألك الله الآن وأنت تقرأ هذا المثل الذي ضربه لهذا الرجل وذاك ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا)ثم أجاب الله سبحانه( الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) فالله يقول سيقرأ الأيه، ويكمل للآيه التي تليها وهو لم يفهم المعني من هذا المثل، وسيعيش متخبطًا المقدم.
يقول الله سبحانه وتعالى يوجد لديك شخصان،تخيل معي هذا المثل ببساطة،أحدهم يعمل في شركة وعنده خمسة مدراء، واحد يقول له: سوف أعطيك دينك وقضيتك ومديونيتك سأسددها عنك وأنا سوف أوقع على هذا القرار، فيأتي المدير الآخر ويقول: لا لماذا نسدد عنك! فهم الآن متشاكسون وأحدهم يُعاند الآخر،من يكون الضحية هنا؟ بالطبع الضعيف العامل لأنه بين من يعده بأن يُنهي أموره, ومن يرفض ذلك، فكيف تكون نفسية هذا المسكين؟ ستكون نفسيته منهارة وحياته متوترة لأنه مفتقر لعدة اشخاص وجميعهم إمكانياتهم محدودة ومنهم من يُعاند الآخر ويتحدى الاخر،
أما الشخص الثاني، فرجل سلمًا لرجل،أيأن هذا علاقته كلها مع واحد فقط، فإذا وعده هذا الشخص انتهى أمره وحلُّت قضيته،الله ضرب لنا هذا المثل كي نعرف ونفهم أننا عندما نفتقر لله سبحانه وتعالى ستكون أمورنا كلها بيده وحده لا شريك له، فأنت لا تجعلها عند غيره فتضيع أمورك،واجعلها عند الواحد الأحد،
يقول الله سبحانه وتعالى: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ)"هناك أحياء كثيرون" لا، فقد أعطاك صفة تُسقط كل الأحياء دونه جل جلاله، قال:( الَّذِي لَا يَمُوتُ).
الآن نايف بن عبد العزيز عليه رحمة الله وزير الداخلية، هل ظنك أنه لا يوجد أشخاص كانوا بحاجة له؟ بلى،فكم معروض قُدّم له ووعدهم بكل خير؟ مات عليه رحمة الله، إذًا لا أعلق قلبي به لأنه مات ولا حتى الملوك.
قال الله:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)سوف يدبر أمرك
( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) من الذي فهم هذه الآيات؟
عندما كان سالم بن عبدالله بن عمر جالسًا يدعو الله سبحانه وتعالى، فجأءه هارون الرشيد وهو يطوف، هارون الرشيد الذي كان يقول للسحابه أمطري أنّى شئت فسوف يأتيني خراجك، فسأل: من هذا؟ فقالو له: هذا سالم بن عبدالله بن عمر. فقال: هذا جده عمر بن الخطاب! فجلس ينتظره ثم جاء إليه فقال له: ياسالم السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فرد عليه السلام. قال:أنا هارون الرشيد، ألَك من حاجة؟ "يسأله إن كان يريد شيئًا" فرد عليه سالم وقد كان واضعًا نعليه تحت إبطيه .. قال:أما تستحي تعرض علي ملكك في بيت أغنى الأغنياء.
انظر إلى الإستشعار، فهو قد فَهم مايقرأ من آيات الله، فهم معنى الغني الحميد..
فسكت هارون الرشيد وخرج من المسجد وذهب ينتظره خارج الحرم، فخرج سالم رضى الله عنه ولبس نعليه وهمّ بالذهاب، فقال له هارون: الآن خرجت من بيت أغنى الأغنياء ألك من حاجه؟ فقال له سالم...
"انظر رد من فهم كلام الله وعمل به وانظر إلى من افتقر لواحد ولم يفتقر للبشر لأن من يدبر أمره هو الواحد الاحد فوالله من يدبر أمرك وينهي جميع حاجاتك هو واحد أحد فهو من يأذن بها وييسرها لك، لماذا أجهد نفسي مع غير الله وأموري كلها بيده" فقال له سالم:أتعطيني حاجه من حوائج الدنيا التي لا تُساوي جناح بعوضه أم الاخرة؟ أي هل تستطيع أن تفرج عني عرصة من عرصات يوم القيامة إذا شابت رؤوس الولدان، وتقطّعت السماء أمامي، وجمع الشمس والقمر؟ تفرجها عني؟أم تتحدث عن شيءٌ هنا؟فقال: والله هذه أنا لاأملكها،أنا أملك شئ هنا في هذه الدنيا.فقال: أسال الذي أعطاك.لماذا أسالك أنت ولا أسال الذي أعطاك!
هذه هي قضيتنا، لذلك يجب علينا إعادة النظر في عقيدتنا لأننا نواجه مشكلة في تطبيقها.
ومن هنا أقول لكل من يمر في ضائقة وأخص بذلك أخواني السجناء،أن يسألوا الله وحده بدلًا من أن يتعلقوا ببشر مثلهم،فقد سمعت قبل قليل أن أحدهم يقول:أنّه يأتينا أُناس ولم نرى منهم مساعدة، و لماذا يَخرج فلان دون فلان ؟
لأن الذي فوق العرش كتب أن فلان يخرج وفلان يبقى، فأقول لكل سجين خذ هذا الدعاء وكلنا مساكين، مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام،وصدّقني لو أن عليك جبال الدُنيا كلها من الدَين لفرج الله عنك،فتعال يا أخي الغالي واسجد الآن واسمعني يا حبيبي، اسجد لله عز وجل وقل الدعاء الذي علمه للنبي عليه الصلاة والسلام، قال: قل(اللهم يا مالك الملك -قلها من صميم قلبك- تؤتي الملك من تشاء وتنزِع الملك ممن تشاء-هذه لاحاجة لأن أشرحها فقد رأيناها، واحد سجين يخرج ليصبح ملك محمد مرسي، وواحد ملك ورئيس اصبح سجين،فمالك الملك هو الله-
قال: تؤتي الملك من تشاء –تُخرج فلان الذي دخل للسجن للتو له 10شهور فقط بينما يبقى ذو الخمس سنوات-
وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ، بيدك الخير إنك-وحده فقط وحده لا إله إلا هو- على كل شيء قدير رحمن السماوات والأرض ورحيمهما تؤتيهما من تشاء وتنزعهما ممن تشاء اغنني برحمة من عندك تغنيني بها عن رحمة من سواك)
قل هذا الدعاء من صميم قلبك،ووالله ولو كانت الدنيا كلها عليك، ليفرجنّ الله عنك، مشكلتنا أننا نظن أن فلان هو الذي سيفرج عني ، فلان هذا مسكين ماهوَ إلا أداة.
في رمضان الماضي أحد الإخوة في المعتكف والله العظيم لا أنسى هذا الموقف إلى أن يشاء رب العالمين، الإخوة ختموا القرآن في ثلاثة أيام، لأن في المعتكف لايكون عنده تلفاز سيشاهده أو عنده مباراة يتابعها،شغله الشاغل بينه وبين رب العالمين وبين هذا الكتاب، جلس ثلاثة أيام في آية واحدة ، الإخوة الذين معه في المعتكف ختموا ، ثلاثة أيام يقرأ في الصباح، الليل، العصر، فقالوا له: يا فلان ماذا بك! أنت للآن في النحل لك ثلاثة أيام وإلى الآن في النحل، قال: نعم وأزيدكم من الشعر بيت بل من القرآن آيه، أنا لمأتعدى آية واحدة، لكن والله العظيم أنها عاثت في قلبي،وفعلت فيه الأفاعيل، علّمتني أني فاهم غلط، إلى الآن كل تلك السنين التي مضت فاهم غلط،
فالقضية يا أحبتي أن هذا القرآن ما نزل من أجل أن تقرأه، قال الله عزّ وجل عن هذا القرآن العظيم( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا)لم يقل ليقرؤوا (لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )هذا التدبر هنا، ماذا قال بعدها؟
(وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
أحدهم قرأ آية فأدرك أنه قد أضاع نفسه بين هؤلاء الفقراء ليقضوا حاجته وأنه والله لا يستطيع واحد منهم أن يقول كلمة "نعم سأقضي حاجتك اعتمد"، إلا إذا اعتمدها رب العالمين، فلا تتعب نفسك مع الضعفاء.
وانظر أخي الغالي لهذه الآيه، وهذا الرجل يقول أنا تخيلت الآية كأني أرى المشهد أمامي، مادام الله قالها،فوالله إنها حق، هوَ القصص الحق، سأقول لك الآية ثم أقول ماذا تخيل هو؟ يقول الله عز وجل: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ )انظر للصفات
عبدًا مملوكًا، عبد وحدها تكفي، هذا مملوك أيضًا، وذلك يعني أنه لا يقدر على فعل شيء، نكرة في سياق النفي تفيد العموم، يعني ولا يقدر يوقع لك ورقة ولا حتى يُعطيك ريال،
(لَّا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن)الآن انت ترى هذا الضعيف الذي لا يستطيع حتى النظر لسيده وفقط ينتظر أوامره كي ينفذها، وفي الجهة المقابلة ترى الآخر، يقول الله (وَمَن)أي الآخر(وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا)ماذا يفعل؟(فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ۖ)يقول خذ الشيك بخمسة مليون وأخرج السجين هذا، وأخرج سجناء الديون جميعهم، ينفق سرًا وجهرًا،قال الله:(هَلْ يَسْتَوُونَ) هل هم مثل بعض؟
أنت لو كنت محتاج ورأيت هذا العبد المسكين الذي لا يقدر على فعل شيء، ثمرأيت الذي ينفق سراً وجهراً، ستذهب لمن؟ قال:(هَلْ يَسْتَوُونَ ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) ماذا يريدنا الله أن نعلم؟ أنت دخلت القرية ورأيت هذين المثلين، تعرف من يقصد الله بعبدًا مملوكًا لا يقدر على فعل شيء؟ يقصد الملك عبدالله، ورؤساء الدنيا، وأوباما، وملوك الأرض كلهم، يقول كل هؤلاء عبيد مملوكون،لا يستطيعون أن يوقعوا ورقة إلى أن أقول له وقعها، لكن المشكلة أننا ذهبنا إلى هذا الضعيف الذي لا يملك شيء وقلنا له أعطنا، طيب هو والله لا يقدر، من أجل ذلك الله لكي يفصل لك القضية كلها قال:
(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ۞ وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)"انظر الصاعقة"(وَفِي السَّمَاءِ) "رأيت المد هنا؟ لكي تنظر لأعلـــى"
(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)بماذا ختم الله الآية؟
(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ)يقسم الله(فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ )مثل ماذا يا ربي؟ حق مثلما أني أرى هذا؟ لا،
(مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) أنت تشك الآن أنك تنطق؟ لا، إذًا لماذا تشك بأن رزقك عند الله وليس عند الناس! والله أقسم بذلك!
من أجل ذلك الأعرابي عندما سمع الآية بكى وهو على دابته، قال: أغضبوه بأفعالهم حتى أقسم أن رزقهم ليس عند الخلق وإنما عنده، يرى هذا يبكي ويقول له تكفى كلّم فلان،
وفلان هذا مسكين، كل هؤلاء عبيد مملوكون لا يقدرون على فعل شيء، فإذا أتعبت نفسك مع الذين في الأرض، والله ستبقى همومك على الأرض، وقال له مثل ما قال الله عز وجل في الحديث القدسي، قال:(وعزتي وجلالي ما اعتصم بي عبدٌ فكادته السماوات والأرض)ليس دَين،بل سقطت السماء على الأرض،قال: (إلا جعلت له منها مخرجًا، وعزتي وجلالي ما اعتصم عبدٌ بغيري إلا وكّلته إلى ما وُكِّلَ إليه ولم آبى بأي وادٍ يتيه)
الآن المُحسِن الذي يملك مثلاً مليار ريال في البنك، نحن لن نقول له "تكفى حبيبي الغالي أعط السجناء" ، لا لا لا نحن نقول: أنت فقير، ونحن فقراء، وهؤلاء فقراء، فنقول لك مثلما هذا فقير لك بعد الله، أنت أيضًا فقير إلى الله ، فنحن هنا سماسرة، نسعى لك من أجل أن تأخذ من عند رب العالمين،
تريد الدليل؟ الآيات كلها. من أجل ذلك الله سبحانه وتعالى لا يقول -وأنفقوا من مالكم- ، لا لا لا بل و (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ)
إذًا آوتهم من مال الله الذي آتَاكم، إذًا أنت فقير؛ لأن الله هو الذي أعطاك ...
خذ هذه الآية (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ)الخطاب لمن؟
دعنا نسميّه الغني الفقير، هم كلهم فقراء، ولكن أحدهم عنده أكثر من الآخر بقليل، مثلما قلت من قبل قد يكون عنده أكثر مال، ولكن قد يكون أقل صحة،ويمكن عنده مال وعنده صحة لكنه عند الله لا يساوي شيء، مثلما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين ،
فكل الأحاديث والآيات تعيد فهمنا كي ننظر للأمور من منظور صحيح ، ليس منظور شكل وفقط، بل نفهم ماوراءها؟ ماهي أبعادها؟ والقرآن يعطيك أبعادها.
جلس النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه، فمرّ رجل متهندم،فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ما تقولون في هذا؟. قالوا: هذا يا رسول الله!"كيف تسألنا عنه".
قالوا: هذا يا رسول الله فلان ابن فلان، حريٌّ إن تكلم أن يُسمع "لا أحد يقاطعه في المجلس فقط يسمعون وينظرون إليه" ، وإن شفع أن يُشفّع، وإن نكح أن يُزوّج.
فسكت النبي عليه الصلاة والسلام"سيعطيهم درس لا ينسونه في حياة الأمة كلها"
ثم مر رجل بعده مقطّعة نعليه، وثيابه مرقعه، كل قطعة بلون، و إزاره مرقع ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:وهذا؟"ما رأيكم به؟"
فقالوا: يا رسول الله هذا فلان، صعلوك، حريّ إن تكلم لا يُسمع "لا مشكلة من مقاطعته وهو يتكلم"
قالوا: وإن شفع ألا يشفّع "والله لو يشفع بريال قلنا له لا، وتوكّل على الله، انظر لقيمته أمام الناس"،
وإن نكح "من هو حتى أزوجه!!"
فالنبي عليه الصلاة والسلام أقسم قال:(والذي بعث محمدًا بالحق، إنّ هذا"الذي استحقرتموه" يساوي عند الله ملئ الأرض من ذاك)"جمع الكرة الأرضية واجعلهم كلهم مثل ذاك ثم اجعلهم يقفون في الميزان، لن يساوونه جميـــعهم".
إذًا قد تكون المعادلة ليست في الدنيا،فالنبي عليه الصلاة والسلام وهو خير البشر مات، ودرعه مرهون عند يهودي،فاتركنا نقرأ هذه الآية(إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ )"خير لمن؟"(فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)"الكلام لك أيها الغني الفقير" ،(فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)"ماذا قال بعدها؟"
الآن هذا الغني الفقير قد لا يقتنع،لذلك قال الله عز و وجل: (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ )"أيعليه أن يحمد الله ويشكره لو هداه لينفق"
(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ) "ماذا قال بعدها؟"
(وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ)"فماذا؟"(فَلِأَنفُسِكُمْ) لاحظ الآن الكلام ليس له شأن في الفقير، الفقير أخذ مئة ألف وانتهى لكن هذا كم سيأخذ؟ كم سنبلة أنبتت سبع سنابل وفي كل سنبلة مئة حبة ولا يضيع عند ربي شيء،
قال:( وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ)"أكمل الآية"( وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ) يقول "لابد وأنت تنفق تعرف أنك فقير، تريد شيء عند وجه الله ، لم تنتهي الآية، ماذا قال بعدها"(وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ )
إذًا من الكسبان في هذه القضية؟ من المحتاج في هذه القضية كلها؟
(وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) سبحان الله ،
تنظر في الصفحة التي قبلها تجد (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ)سيخبرك عن وضعك، الآن أنت لديك قصر ولديك ولديك ولديك
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) فجأة "كبُر فيه السن" ،
قال الله سبحانه: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ)"فبدأ يضعف هو في نفسه"(وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ) "إذًا أنت قضيتك عند الله،وأنت لستفقير الآن، بل فقير الآن وإذا كبرت، وإذا حشرجت روحك فقير، وأولادك لن يحفظهم إلا الله"،
الآن هو له جنات وأعناب ونخيل، انظر بالأخير، قال: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ)"الآن قد تنتهي قضيتك هذه وتذهب كل أمورك،ويصبح المعطي سائل فيما بعد، فسأحفظ لك أنا الذي أنفقته الآن، ماذا قال بعدها؟"
قال: ( كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ۞يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا)
***************
أحد المساجين قال لصحفي عندما أقام معه مقابلة تلفزيونية: أنا سجين منذُ خمسة سنوات علي دَين بقيمة ٥٤ ألف "وكان يتكلم بلهجة قويه" يقول: إسمع،أنا والله العظيم لا أرجي منك ولا من تلفازك، لا أرجي إلا من الله سُبحانه!.
فهذا هو الغني والله، مادام هذا منطِقُهُ، أنه مُتعلق برب العالمين فهذا غني، فبقائه خمسة سنوات في السجن لو ما أتى منها إلا هذه الكلمة التي يقولها الآن وتصل إلى مئات الألاف من الناس لكان خير،
الله عز وجل لما جعل يوسف عليه السلام في السجن، قال كلمات خلدها ربُ العالمين، ماكانت لملوك يقولونها،
فهذا غني، وسيُفرج الله عنه وبقائه خير،حتى إن لم يجيء من بقائه كله إلا أن توزن هذه الكلمة التي قالها لأنها رسالة أوصلها،
الأمر الآخر قضية الناس الذين يحتالون على المحسنين بأن يجعلوا من أنفسهم مساجين مديونين كي يتصدقوا عليهم ويخرجون من السجن، ثم يعيدون الحيلة اربعة أو خمس مرات دون تفكير في أخوانهم المديونين حقًا، هؤلاء مساكين، هؤلاء الفقراء فعلًا،
*********
الأمر الثالث قضية هل يجب علينا أن نبحث عمن ننفق عليه أو لا؟
القضية هي أنك إن لم تفهم القرآن لن تفهم أنك تحتاج إلى من تنفق عليه، أسوأ حالات الإنسان أنه يظن أنه ليس بفقير،
فإن الفقير أن نسي أنه فقير سيموت من الجوع ، وأنا وإياكم إن كان لدينا ملايين المليارات ونسَينا أننا فقراء لله الواحد الأحد سنموت جوع الإيمان، وسنموت جوع الضياع، حتى أنك قد تجد غني ولديه ملايين ولكن والله أن حياة الفقير وراحة النفسية أفضل منه، فالفقير إن جلس مع أبناءه يستمتع طوال ساعة أو ساعتين، بينما ذاك يتصل على هذا وذاك وخائف أن تفوته الأرض الفلانية ،
كما قال عليه الصلاة والسلام، قال: ( من أصبح والدنيا همه، شتت الله شمله) حتى عندما يجلس مع أبناءه لا يستمتع ، فـشتت الله شمله .
(شتت الله شمله، وجعل فقره في قلبه، وجعل فقره بين عينيه)"كالنظارات أينما يلتفت يخاف شيء يفوته، ويخاف شيء لايدركه، ويعتقد أن فلان يريد أخذ الشركة الثانية، يا أخي يا حبيبي
أرح نفسك فأنت لا تدري كم بقي لك لتعيشه؟؟عِش مع أبناءك و أستمتع لحظه"
قال: (من أصبح والآخرة همه، جمع الله شمله)"انظر للفرق الآن، إذا جلس يستمتع، لأنه لا يرىهم آخر الأن" ..
قال : (وجعل غناه في قلبه، وجعل غناه بين عينيه،وأتته الدنيا وهي راغمة)
"دون أي جهد يأتيه فلان ليعرض عليه صفقه،هي تبحث عنه !!"
يا أخي، إن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه الموت) الموت لو جاءك لايخطئك، ورزقك والله لن يخطئك.
( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)
قصص كثير التي أراها أنا وتراها أنت، لكن الشاهد أين؟
الشاهد هذا القلب بمن تعلق؟
وهذا الغني إن لم يعلم أنه فقير لن يبحث عن الناس لأنه سيظن أنه مستغني ولا يحتاج
( إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى ۞أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) يظن أنه لا يحتاج لأحد وهُنا يقع .
هناك أمرين تهلك لنسميهم الأغنياء الفقراء:
الأمر الأول، أن ينسى أنّه فقير.
الأمر الثاني، أن يسند المال الذي لديه لنفسه.
مثلما حدث لقارون،الذي من المستحيل أن تملك مثلما ملك قارون، يقول الله سبحانه وتعالى، أن الناس جاؤوا قارون وقالوا له مثل الذي نقوله نحن الآن للناس، الناس جاؤوا وقالوا لقارون: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) كالذي قلته ووجهته للناس الذين يملكون المال ولكن لايزالون فقراء لمن يملك هذه الدنيا كلها
فقال الناس لقارون: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ولا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ)
بعض الناس ليس لديه إشكال والعياذ بالله أن يُنفق على عاهر، أو أن يهدر ماله على الخمر والراقصات، يدفع عشرات الألوف دون اهتمام، وحين تقول له: تعال أخرِج سجين، يتعذر بأعذار واهية لعدم رغبته .. هذا هو المسكين وهو الفقير .
مالذي أهلك قارون ؟؟
قال:( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) "يا حبيبي أنا أفهم في البورصة والصفقات والإستثمار،وأنا أعلم متى أدخل المال ومتى أخرجه!!تكبرًا على الله"
قال الله سبحانه وتعالى:(فَخَرَجَ على قومه فِي زِينَتِهِ) ماذا قال العلماء في معنى زينته؟
قالوا (٣٠) ألف خيل مدجج بالذهب، تخيل فقط إستعراضًا بما عنده
ويصف الله سبحانه مشهد عظيم ، وإذا وصف الله العظيم شيء أنه عظيم فاعلم أنه عظيم، قال الله سبحانه وتعالى ( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ..) لم يصف الله الكنوز !!
يقول ( مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ)"وصف مفاتيح الخزانات ، والذين يخرجون أمام الناس يستعرضون، يريدون أن يحملوا مفاتيح الخزنة"
قال الله (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ) "تسقط الرجل ، تسقط رجل واحد؟لا" ، يقول الله :
(لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ) "أي رجالٌ أقوياء لم يستطيعوا حمل مفاتيح الخزانات"
أذًا كم عنده وكم يملك؟قال الله سبحانه وتعالى:
(فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ)"هو وملكه"
إذا نسي الفقير أنه فقير، فهو مسكين، لأجل ذلك أحد المشائخ و أسأل الله أن يشفيه، ويرفع عنه، ومرضى المسلمين لما بعثه الشيخ ابن باز عليه رحمة الله إلى دولة قطر حتى يُفتي فيها،قال لي قصة عجيبة يحدثني بها بنفسه، يقول: حضرنا وبنينا الجامع الذي ألقيت فيه كلمة في قطر، الجامع اسمه جامع ابن باز، يقول: أصلحنا كل شيء تبقى علينا التكييف، يقول : فذهبت إلى وكيل المكيفات أريده أن يتبرع بالمكيفات، كل ما أذهب إليه ويسمع أني سأقابله لأجل المكيفات يصرفني، يقول : أنا لا يهمني لأني لم أطلب شيء لنفسي بيتي الحمدلله به مكيفات، أنا أطلب لبيت رب العالمين، يقول: وأتى يوم ولبست البشت وذهبت إليه، "وهذا الشيخ شكله مُهيب ماشاء الله"، يقول: فلما ذهبت قالوا لي أنه في اجتماع. قلت له: قولوا له فلان بن فلان يريدك في صفقه أقل ربح فيها (١٠٠في ١٠٠)
يقول: خرج وهو ينتفض ويقول أهلا يا شيخ وحياك الله، ثم أدخلني المكتب وأحضر العصير والضيافة،ثم سألني: أمر ياشيخ وماشاءالله ماذا لديك ؟؟ وانا سأدفع من (١٠٠٠) إلى كذا ...
يقول: قلت له:سلامتك، ولكن يوجد مسجد لدينا يحتاج مكيفات. يقول أنه تغير وجهه، لكن حفظًا لماء الوجه لم يكن يريد أن يرده،قال: كم تحتاجون؟
قال الشيخ : أنا لا أريد شيء فبيتي موجود فيه مكيفات، أنت كم تريد؟الذي تريده أن يكتب لك هناك في صحيفتك، ضعه هنا.يقول: حتى تغيرت موازينه كلها..
قال: ياشيخ أنا الذي محتاج لرب العالمين ووو ، يقول: والله أنّه يكتب ويرتجف، الكلمة جاءته كالصاعقة.
"أنا لا أريد شيء، أنت الذي تريد أن يُكتب لك فوق سجله"
يقول: ويكتب المكيفات سأدفعها، وصيانه لها كل ستة أشهر، وكل سنه تتغير بأجدد.
هذا رجل أراد الله به خير، فعلم أنه فقير، فعلا أنت لا تكتب لي أنت تكتب لنفسك.
أنا إذا أردت أن أنفق مالي الذي أعطاني ربي أعلم أين أبحث؛ لأني محتاج والمحتاج يعلم أين يجد حاجته،
ومستشفيات النقاهة كم بها من رجل لايحرك الإ رأسه،
فالمعاق ليس الذي لايستطيع تحريك جسمه، المعاق من لم يصل قلبه لرب العالمين، هذا المعاق .
الشاهد النبي عليه الصلاة والسلام وهل هناك أفهم منه عليه الصلاة والسلام؟ لا يوجد،
يأتي عليه الهلال ورى الهلال شهرين، لم يُشم رائحة نار في بيت أشرف خلق الله عليه الصلاة والسلام، يقول: (وإنه ليمر الهلال ورى الهلال ما أوقد في بيت النبي عليه الصلاة والسلام نار)تخيلت!
المشكلة أننا لا ندخل في أعماق الآيات والأحاديث ( لَقَدْ كَانَ فِيقَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ)
عبرة: تنقلك من فكرة وواقع، إلى واقع جديد فتنظر بدل أن ترى الناس كذا، تراهم من فوق .
تخييل أخي الغالي أنت ليوم كامل ليس في بيتك نار، والله أن تقلب الدنيا كلها، لا غداء ولا شاي ولا فطور، ماذا تأكل؟
تمر وماء، كان اليوم كل البيوت طلاقات .
حسنًا، ليس في بيته نار، جاءته هديه شاة، تخيل إنسان لايملكإلا تمر وماء في الصباح والظهر غدائهم وعشائهم الاسودان تمر و ماء، فجأة تدخل عليهم شاة، النبي صلى الله عليه وسلّم ترك البيت وفيه الذبيحة رجِع ولا يوجد شيء، عائشة رضي الله عنها وأرضاها قطّعت الذبيحة ووزعتها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:( مافعلت الشاة ياعائشة )"أين هي ؟"
قالت : يارسول الله ذهبت "ولأجل ألا يغضب" قالت: وبقي كتفها "أنت تحب الكتف أبقيته لم يذهب"
أنظر النبي عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي رجل فاهم (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ)
قال: ( من قال يا عائشة أنها ذهبت ؟ ) "فكر بفكرة أخرجته عن القضيه كلها"،
قال : (والله يا عائشة ما ذهبت الشاة، والله قد بقيت كلها ولم يذهب الإ كتفها) "كتفها أكلناه وذهب أما الباقي كله قدمناها لأعلى" ،
ما هذا الفهم؟
لأجل ذلك يقول الله: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ )
قال:(فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)"وأصلاً الذي لديك وتملكه ممن؟، المال الذي تملكه قبل أن تنفقه من أين؟ "
من الله جل جلاله.
( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه ) ، فنحن والله سماسره نطلب من الفقير أعطي الفقير لأجل أن يعطيك الغني .
لذلك أقول لأخوتي وأخواتي وكل من يقرأ : لا تنسى مهما أغناك الله وأغدق عليك بالنعم والمال .. أنك لا تزال فقير إليه فأعطِ وأنفق على غيرك يُعطيك الله.
هذا والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
رابط استماع المحاضرة صوتيّاً
http://www.abdelmohsen.com/play-2080.html
ما كان من صواب فمن الله وحده , وما كان من خطأ فمنّا والشيطان
-
الجمعة PM 06:23
2015-04-24 - 4558