القائمة الرئيسية
احصائية الزوار
الزوار
عرض المادة
كلمة تأمّلية في سورة العاديات
كلمة تأمّلية في سورة العاديات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحابته أتم التسليم
أما بعد أحبتي الفضلاء :
يقول الله عزّ وجل :
( آلر ، كتابٌ أُحكِمت آياتُه )
ليست سوره! كل آية أُنزلت أحكمها الحكيم سبحانه
(كتابٌ أُحكِمت آياته، ثم فُصِلتْ )
من الذي أحكمها ؟ ومن الذي فصّلها ؟
( من لَدُن حكيمٍ خَبِير )
بعد كل هذه العظمة من الصعب أن تمُرّ آية على قلوبنا وتمضي بدون استشعار ! صعب !
والله صعب تُحكَم ثم تُفصّل ثم تمر على قلبي ولا أشعر بلذّتها !ولا نشعر بثقلها في قلوبنا
( إنّا سَنُلقي عليك )
إن سقط عليك حجر شعرت به!
( إنّا سَنُلقي عليكَ قولاً ثَقِيلا )
من الذي وصفه بالثُقل؟ الله جلّ في عُلاه
رأيتوا هذا الثقل إن سقط على جبل ماذا سيصبح ؟
( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا القُرآنَ عَلَى جَبَلٍ )
سبحان الله هذا القرآن ، لأن الله يعلم أن هذا القرآن خفيف عندنا إلا من رحم الله، قال الله
(هَذَا)
البعض يقول هو كلام آخر لو كان كلام آخر ممكن يتدكدك ! لا هو هذا القرآن نفسه , الله يقول هذا القرآن الذي تسمعه وما تشعر بشيء
والله لو تنزل على جبل وتدبّر هذا الكلام لا يتحمل
( لَرَأَيْتَهُ )
أي أنه لا يتزلزل في الداخل وما يشعر به أحد من الخارج لا !
كل من يراه يرى آثار الدمار في هذا الجبل وآثار التصدع والزلزلة بسبب أنه وعى هذا القرآن
( لَرَأيْتَهُ خَاشِعَاً مُتَصَدّعَاً مِنْ خَشْيَةِ الله وَ تِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا)
للجبال ؟! لأ ! لو ضربت للجبال لن ترى اليوم أي جبل واقف ، والله أن ترى الأرض دون جبال ، وتميل بنا وتهتزّ لأن الجبال هي اللي أرست الأرض، لكن قال:
( نَضْرِبُهَا لِلنَاس )
أنا من الناس ؟ نعم! وأنتَ من الناس! هل تتفكر ؟
( لَعَلّهُم يَتَفَكّرُون )
إذا ما تفكّرت أي أن داخلك مشكلة!
والله أكثرنا مرضى , لكن إن ذهبنا إلى الإسعاف ونقول لا نعلم ما يؤلمنا! يعلمون إشاعة للرأس وللصدر أم للرجل لا يدرون!
علاقتنا مع القرآن لاندري ! أكثرنا والله قال الله عزّ وجل
( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُون الحَقَّ)
والنتيجة؟
( فَهُمْ مُعْرِضُون)
آية وسورة صغيرة لكنها كبيرة! عظيمة!
نتدبرها في هذا اليوم أسأل الله أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلبي وقلوبكم
قال الله تعالى عن نوح عليه السلام
( فَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَة)
ألف سنة أي أننا نموت وتأتي أجيال بعدنا يموتون أجيال بعدها يموتون أجيال بعدها يموتون أجيال بعدهم عشر أجيال يعيشون يموتون , ونوح عليه السلام وظيفة إلى الدعوة إلى الله ليلاً ونهاراً ، يعمل بدون إجازات يقول نوح عليه السلام
( دَعَوْتُ قَومِي لَيْلَاً وَنَهارَاً )
يُعلن ويسرّ ، وبعد الـ٩٥٠ سنة
( وَمَا آمَنَ مَعَهُ)
كم ؟
( إِلّا قَلِيلْ )
لكن جزاءه عند الله قليل !؟
جزاءه عند الله جزاء ٩٥٠ سنة! لا تحقر من المعروف شيئا
حسناً والهدهد ؟ حصيلة الإنتاجية لنوح عليه السلام بعد ٩٥٠ سنة الحصيلة ٧٠! ٧٠ رجل أسلموا مع نوح
الهدهد؟ قطع المشوار مرتين ذهب وعاد ثم ذهب وعاد ، كم أسلم معه ؟ بسببه بعد الله عزّ وجل ، دولة كاملة وأولادهم وأولاد أولادهم ملايين لا يعلمهم إلا الله.
هل الهدهد أغلى عند الله من نوح عليه السلام ؟
لأ! لكن يُخبرك أنك لا عليك إلا البلاغ
( ذكّر إنما أنتَ مُذكّر)
لكن أخشى نُصحه ولا يسمع لي! هذا ليس عملك!
أنت إذا لم يسمع لك ؛ الله عز وجل لن يعطيك ؟
( وَ إِنْ كَانَ مثْقَالَ حَبّةٍ مِن خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِين )
يا جماعة سور قصيرة أكثرنا أجزم والله أعلم إن كلنا حفظنا هذه السورة
كلنا! لكن يا أحبتي هذا القرآن ما أُنزل للحفظ!
والله لو تأتي عند الله يوم القيامة ما حفظت إلا الفاتحة لكن إذا أتت الآية لكن أثّرت فيك إنك أعظم من حافظ القرآن كله !
لأن الله سبحانه وتعالى عندما مدح أهل الإيمان قال:
( وَ الذِين إذَا ذُكّرُوا بآيَاتِ رَبّهِم لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً )
كأنه ما سمع شيء! لا! تغيّر فيه , اقرأ الآيات :
( وَ العَادِياتِ ضَبْحَاً )
سبحان الملك العظيم وإذا اختار شيء وأقسم به فاعلم أنه عظيم أدركته أم لم تُدركه! الله يقول:
(وَ العَادِياتِ ضَبْحَاً )
أقسم بصوت الخيل ليس بالصهيل بل " الضبح "
الصوت هذا لا يخرج إلا إذا احترق صدر الخيل بالأنفاس!
إذا عدت الخيل وأسرعت خرج صوت من صدرها من عظمته يقسم الله به عز وجل ؛ صوت تحترق معه الأنفاس خرج معها الروح
ركّز! لماذا أقسم به؟ هو رسالة لي و لك، القرآن لم ينزل للخيول والله ياجماعة رسالة لنا نحن
(وَ العَادِياتِ ضَبْحَاً * فَالمُورِياتِ قَدْحَاً )
نار في الصدر حتى يخرج صوت " الضبح " ونار في الرجلين حتى تقدح مع الحجر كلما ضربت في الحجر ترى النار تخرج منها
اذا وصلت الخيل لهذه المرحلة يقسم الله بأنفاسها وصوتها الذي يخرج منها ويقسم بالنار التي في حوافرها
(فَالمُورِياتِ قَدْحَاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعَا )
أصبح غبار
( فَالمُغِيرَاتِ صُبحاً )
غائرة على العدو في الفجر ونحن نائمون الله يرسل رسالة ؛
اﻵن قامت في الصبح تُغير على العدو ليست ذاهبة الى نزهة أو تجري في مكان أو أرض روضة من الرياض تأكل وتشرب منها ! لا
هي ذاهبة لمهمة يعني تقوم بعمل
( فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعَا )
ليت هذه اﻷنفاس تدخل صافية .. لا يدخل معها غبار ويخرج معها ضبح ونار .. أي أنّ حال الخيل في هذه المراحل التي اقسم الله بها حال عظيم . مجهود شاق ؛ قال سبحانه
( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمعاً )
في وسط المعركة وجمع المعركة والحرب والرماح تطير والسيوف واﻷسهم والحرب نار والخيل في الوسط ..
ماهو جواب القسم ؟
( إِنّ الإِنْسَانَ لِربّهِ لكَنُود )
سبحان الله .. هذه أقسام عن البلاء والكدح .. والمعاناة التي يجدها الخيل اذا استنفذ كل طاقاته في الجري في النفس في النار التي في رجليه وكل شي .. قال الله عز وجل
(إِنّ الإِنْسَانَ)
ماله اﻹنسان ياذا الجلال واﻹكرام؟
(إِنّ الإِنْسَانَ لِربّهِ لكَنُود )
سبحان الله العظيم .. أتعرف ما معنى كنود ؟
يقول أرأيت الخيل ؟ أرأيت المعاناة التي تفعلها وتلقي بنفسها في وسط الجمع ؟ وصدرها نار ورجليها نار ؟
كل هذا لأجل علف! أنت كنود وأنا كنود أعطيتك وأطعمتك وأسقيتك
هي تفعل كل هذه التضحيات لصاحبها من أجل علف وشربة ماء
أنت ماذا أعطاك الله ؟ وماذا فعلت ﻷجله جل جلاله ؟ لاحظت :" !!
من أجل علف وماء أتت بكل ما عندها حتى ترضي صاحبها!
مع إن صاحبها ما أعطاها معدة ولا أعطاها دم ولا أعطاها كلى ولا أعطاها قلب ولا أعطاها عيون فقط أعطاها علف لم تقدر أن تكافئ صاحبها إلّا أن القت بنفسها في غمام الموت لكي ترضيه
نحن ماذا فعلنا حتى نرضي ربنا ؟
(إِنّ الإِنْسَانَ لِربّهِ لكَنُود )
أحد الصحابة يقول ما كنت أعرف معنى كنود فلما رأيت امرأة ضعينة تركب على البعير .. فتضربه يمشي ثم تنزع عنه لا تضربه يقف .. فتضربه يمشي .. فتقول والله إنك لكنود ..
الرجل منّا اذا صار ولده في العناية يترك المعاصي ويبقى يدعو الله من أعماق قلبه , أما إذا أولاده معه في البيت وكلهم بصحّته واﻷمور طيبة
( نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قبْلُ )
( وَ إِنّهُ عَلَى ذَلك لَشهِيد * وَ إِنّهُ لِحُبّ الخَيرِ لَشَدِيد )
لكن يوجد ناس الله سبحانه يختصّهم ؛ يعلّمه قدر رب العالمين وعظمة رب العالمين فيبدأ يسعى بكل ما عنده لكي يرضيه , والذي لا يعرف قال
( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا في القُبُور * وَ حُصّلَ مَا فِي الصّدُور )
الخيل أخرجت كل ما في صدرها لأنها تريد أن ترضي صاحبها فهل أنت أخرجت كل مافي صدرك حتى ترضي الله عز وجل ؟
إذا كنت جالس في المسجد وقمت لتخرج , رجل آخر قام بعدك بثانية واحدة فقط أقسم بالذي ﻵاله اﻵ هو أن الثانية التي جلسها والله سيراها بأم عينه في الخير الذي سيعطيه إياه الله ؛ ممكن يعطيه إياه اﻵن
أو بعد قليل أو غدا أو بعد سبعة أيام أو يعطيه اياه تحت اﻷرض لوحده يوم يكون أحوج ويمكن يعطيه اياها يوم العرض لكن اقسم بالله
( فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرّة )
ثانية ؟
( خَيْرَاً يَرَه )
فإن قدرت حبيبي الغالي إن خرجت لا يفتر لسانك بقولك ؛ اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
حاول أن تكون في كل لحظة أن تكسب أجر ؛ ارأيت قطعة المنديل التي تحت قدمك هذه أرجوك خذها هذه ذرة!؟
لا والله أعظم من الذرة أقسم بالله مادام أنها دخلت صحيفتك والله أن تراها وإذا قال الله
( يَرَه )
لا أحد يستطيع أن يقول لا
( مَا يَفْتَحِ الله للنَّاسِ مِنْ رَحمَةٍ فَلَا مُمسِكَ لَهَا )
أسأل الله جل في علاه الذي يعلم أين هي ليلة القدر أن يجعلنا نصيبها أتم اﻹصابه
وأسأله سبحانه أن يجعلنا كما جعل الخيل في وفائها لصاحبها تستنفذ كل قواها أسأل الله أن يجعلنا مع رب العالمين أعظم من الخيل مع صاحبها
اللهم ياربي إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا و غمومنا
اللهم إنك قادر أن تفهمنا اﻵية فنتدبرها ونعمل بها فـ اللهم إنا نسألك بأحب أسمائك إليك أن ننال منك هذه العطية إنك واسع الفضل
اللهم أنصر اﻹسلام والمسلمين في كل مكان اللهم انصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين
اللهم يا رب كما شرفتني برؤية أحبتي هؤلاء فوق هذا الفرش وأخواتنا هناك اللهم أجمعنا بهم تحت العرش اللهم اجعلنا في الفردوس اﻷعلى ووالدينا وأحبابنا والمسلمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
للاستماع للمحاضرة صوتيّاً :
http://www.abdelmohsen.com/play-2319.html
إن كان من خطأ فمنّا والشيطان , وما كان من صواب فمن الله وحده.
-
الجمعة PM 06:26
2014-08-22 - 8124